×

ماذا يحصل في مصرف HSBC؟

التصنيف: إقتصاد

2009-10-09  11:27 ص  3285

 

 

رشا أبو زكي
«ألو؟ مين؟ الإدارة؟ يللا طالع»، ويغلق أحد الموظفين في مصرف HSBC في بيروت الهاتف، ونظرة متجهّمة تسيطر على ملامح وجهه. وبعد لحظات تنطلق ضحكته قائلاً «مرق الضرب عليكن»! هذه هي المزحة «السمجة» التي تعبّر عن قلق العاملين في فروع هذا المصرف في لبنان.
فقد تبلّغ الموظفون من المدير العام للمصرف، عبر اجتماعات عقدت مع مديري الاقسام أول من أمس، أن إدارة المصرف اتخذت قراراً بخفض عدد الموظّفين لديها تدريجاً، في إطار استراتيجية جديدة لخفض النفقات وتفادي مخاطر تراجع الأرباح، ولا سيما أن إدارة المصرف العالمية لا تزال تعتقد أن الأسوأ في الأزمة لم ينته بعد... وقالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن الدفعة الأولى من عملية الصرف تطال 20 موظفاً، إلا أن إدارة المصرف لم تبلغ وزارة العمل حتى الآن بحسب ما ينصّ عليه القانون، كما أنها لم تعلن الأسماء لكي تمنع أيّ تحرّك استباقي، وذلك عبر جعل جميع الموظفين تحت سيف التهديد حتى تجرى العملية بهدوء.
وبالفعل، تبلّغ 4 موظفين قرار صرفهم في نهاية الأسبوع الماضي، وانتشر الخبر كالنار في الهشيم، ويقول رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج لـ«الأخبار» إن الاتحاد عقد جمعية عمومية لموظفي HSBC أمس، وانتهت بتصويت على متابعة ما يحصل، واستكمال المفاوضات مع المصرف لإنهاء هذه القضية. ويشير الحاج إلى أن المصرف لا يلتزم بالقانون اللبناني، إذ تجيز المادة 50 من قانون العمل للمؤسسات صرف الموظفين، ولكن بعد إعلام وزارة العمل بالصرف الجماعي وأسماء المصروفين وأسباب صرفهم، وهذا ما لم يقم به المصرف، الذي عمد إلى البدء بعمليات الصرف بطريقة مخالفة للقانون.
تهديد «ديموقراطي»
ويشير مصدر في المصرف إلى أن الإدارة هددت الموظفين تهديداً مبطّناً لمنعهم من حضور الجمعية العمومية، إذ قال مدير المصرف في لبنان فرنسوا باسكال دي ماريكور للموظفين «نحن ديموقراطيون، وتستطيعون المشاركة في الجمعية العمومية التي ستعقدها نقابة موظفي المصارف، ولكن سيكون لذلك انعكاسات سلبية». وقال المصدر إن المدير العام لم يحدد نوع هذه الانعكاسات السلبية، ما أدى إلى ضعف مشاركة الموظفين في الجمعية العمومية، وخصوصاً أن إدارة المصرف لم تعلن أسماء المزمع صرفهم، ما يجعل كل من يشارك في الجمعية العمومية في دائرة الخطر!
ويلفت المصدر إلى أن نقابة موظفي المصارف عقدت اجتماعين مع إدارة المصرف، إلا أنها لم تتوصل إلى أي نتائج، كذلك عقدت اجتماعاً مع وزير العمل محمد فنيش، الذي شدد على ضرورة التزام المصرف بالقانون لجهة إبلاغ الوزارة بالصرف الجماعي قبل تنفيذه، فيما قال الحاج إن النقابة ستشدد على تطبيق بروتوكول عام 1988، الذي نشأ بعدما أعلن المصرف نفسه (كان اسمه البنك البريطاني للشرق الأوسط) حالة صرف جماعي، وحينها تمّ وضع بنود تضمن حقوق الموظفين.
سياسة الرعب
فمنذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام الماضي، بدأ مصرف HSBC بإحداث تغييرات في سياسته وفي نظامه الداخلي، فنقل حوالى 23 موظفاً من قسم الاستثمار إلى أقسام أخرى، بعدما أصبح هذا القسم يدار من دبي، وانطلقت عملية صرف الموظفين من عدد من فروع HSBC في العالم، وتسلّلت هواجس صرف الموظفين إلى فروع المصرف في لبنان لتصبح «خبرية الموسم» وخصوصاً مع انخفاض أرباح المصرف في لبنان بنسبة 41 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي... هذه الهواجس أفقدت الموظفين أمانهم الوظيفي، وخصوصاً بعدما أعلنت إدارة المصرف في لبنان سياسات جديدة ستتّبع، ومنها إعلان إنشاء مركز الدعم والتشبيك (NSC) في الهند، وما يستتبع إجراء كهذا من صرف للموظفين العاملين في الأقسام المماثلة في لبنان، إضافة إلى إجراء آخر كان لافتاً جداً، إذ يتألف زبائن المصرف من ثلاث فئات: الزبائن العاديين ويفتحون حسابات بمبلغ 5 آلاف دولار وما فوق، والزبائن الذين تفوق ودائعهم 25 ألف دولار، وزبائن الدرجة الأولى (premier) وهم الذين يملكون ودائع تفوق 100 ألف دولار، إلا أن المصرف عمد إلى التوقف عن تقديم الخدمات المصرفية للزبائن العاديين الذين يمثّلون نسبة كبيرة من عملاء المصرف، وأقفل حساباتهم، وبالتالي حصر عمل المصرف بالفئتين الميسورتين من الزبائن، بحجة توفير خدمات متطورة لهم ومقاييس عالية الجودة، ومنها، بحسب أحد المطّلعين، تمكين هؤلاء من الإفادة من جميع الخدمات المصرفية في أي بلد يتوجهون إليه في العالم...
ومن هنا، بدأت ملامح الصرف الجماعي تلوح في الأفق، وعلم الموظفون أن حصر نشاطات المصرف سيؤدي إلى الاستغناء عن عدد من الموظفين، لا بل تأكدت هواجسهم مع إعلامهم بسياسة جديدة ستتّبع، وهي أن إدارة المصرف ستصرف 5% من الموظفين سنوياً، وذلك وفق تقويم أدائهم الوظيفي. ويقول أحد المطّلعين إن هذا الإجراء «جعل الموظفين في حالة انصياع دائمة وإلا أصبحوا من المرشحين للصرف»!
اقتطاع 20% من التعويضات
ويقول المصدر إن المصرف يعمد من جهة إلى تكثيف منحه وأعماله الخيرية، ويعمل على زيادة عدد فروعه في لبنان، ومنها فرع الأشرفية الذي سيفتتح في تشرين الثاني المقبل، ومن جهة أخرى يصرف الموظفين بحجة خفض الكلفة على المصرف، إذ نقل معظم الوظائف الإدارية والمعلوماتية إلى الهند. وفي المقابل، تؤكد المعلومات أن هذا الصرف التعسفي سيتبعه توظيف 23 موظفاً جديداً في العام المقبل، ما يدلّ على عملية استبدال تقوم بها إدارة المصرف.
وأشار المصدر إلى أن «سياسة الرعب» لم تنحصر فقط بالعمل داخل المصرف، بل استكملت بإجراءات تعسفية طالت كذلك الذين صرفوا تعسّفاً! إذ يقول إن المصرف جنّد عشرات المحامين لتطبيق معايير تخرج عن كل الأعراف السائدة في القطاع المصرفي لعقود طويلة، إذ فتح الباب لظاهرة جديدة في هذا القطاع، وبدأت عملية صرف الموظفين واستدعائهم فرداً فرداً، وعلى مراحل وخلافاً للقوانين المتبعة لحملهم على الاستقالة بشتى الأساليب، أما اللافت فهو اقتطاع 20% من تعويضاتهم، تتضمن 10% ضريبة دخل، و10 في المئة «لتصفية حسابات الموظفين المصروفين في الضمان الاجتماعي»، علماً بأن أكلاف تصفية الاشتراكات يجب أن يتحملها المصرف لا الموظفون! لا بل حسمت القروض المستحقة على الموظفين للمصرف من قيمة تعويضاتهم
كذلك!

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا