×

تحف ومحفورات يتداخل فيها الخشب بالقش والخيزران حرفة «كراسي القش» ترصّع صيدا القديمة

التصنيف: أقلام

2017-08-14  11:39 ص  1900

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

رأفت نعيم


لطالما ارتبطت بعض الحرف التي لا تزال تقاوم الاندثار في مناطق لبنانية عدة بالتراث اللبناني الذي يكاد يصبح أثراً بعد عين في ظل التطور السريع لأنماط الحياة في عصرنا هذا. فرغم اجتياح الحديث منها، بلاستيكية ومعدنية، لحياتنا اليومية، تبقى لكرسي «القش» قيمته المعنوية لدى معظم المواطنين الذين يجدون فيه الجلسة المريحة والجو التراثي الذي يحملهم الى الزمن اللبناني الجميل.

وتجد كثيرين من اللبنانيين وخصوصاً المغتربين منهم العائدين لتمضية عطلة الصيف، أول ما يقصدون تلك الأماكن التي لا تزال تحتفظ بهذه الحرف وتتوارثها جيلاً بعد جيل وإن بوهج أقل.

من هذه الأماكن محترف عائلة «كوسا» على الواجهة البحرية لصيدا قبالة مدخل سوق السمك، والذي يستوقف العابرين من هناك بما يخرج من تحت أيدي حرفييه المهرة ويعرض أمامه من كراسٍ وتحف ومحفورات تراثية وستائر وخيم مشغولة باتقان يتداخل فيها الخشب بالقش والخيزران تبدو وكأنها ترصع واجهة المدينة القديمة البحرية بما تبقى عليها من أبنية تاريخية.. بتراث الماضي الجميل. وما يميز عائلة كوسا كما غيرها من العائلات والأفراد التي لا تزال تعمل في هذه الحرفة، اعتمادهم بشكل أساسي على العمل اليدوي، وإن استعانوا في بعض الأحيان بآلات بدائية كالمنشار وغيره. لذلك تراهم مقصداً لزبائن من العديد من المناطق الى جانب العابرين بالصدفة على البولفار البحري لصيدا، وبعضهم سواح يقصدون عادة مطاعم ومقاهي وأحياء صيدا القديمة وميناء المدينة.

ولأنها حرفة بالكاد تغطي كلفتها ولا تعود إلا بربح قليل على أصحابها، كان لا بد لهم من أن يستعينوا بعرض وبيع بعض الحرف التراثية الخفيفة والمرغوبة من قبل عشاق هذا النوع من المقتنيات مثل الطربوش والمهباج وابريق القهوة النحاسي القديم وغيرها من الأدوات التي كانت تشكل جزءاً من البيت اللبناني التقليدي فتحولت تراثاً يكتفي هواة جمعه باقتنائه وعرضه في منازلهم أو يطلبه صانعو الأعمال التلفزيونية والسينمائية ليكون جزءاً من مشهد في بيت أو مقهى قديم يضفي عليه طابعه التراثي.

استطاعت هذه الحرفة أن تصمد حتى الآن بما تبقى من حوانيت متخصصة بها لا سيما في صيدا القديمة. لكنها بحسب العاملين فيها، لن تستطيع الصمود طويلاً إذا لم تحظَ بالاهتمام المطلوب رسمياً وثقافياً وتراثياً عبر دعمها وتشجيع الناس على الإقبال على شرائها واقتنائها، وقبل كل شيء عبر وضع هذه المحترفات التراثية على خارطة السياحة المحلية في المدينة وفي لبنان بما يُساهم بتنمية هذا القطاع والمحافظة عليه حرفةً تراثية وهوية ثقافية للمدينة ومورد رزق للعائلات التي تعتاش منه.
 
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا