×

«كزدورة» انتهاء العام الدراسي لطلاب البكالوريا في صيدا تكلّف 40 ألف دولار

التصنيف: الشباب

2015-05-13  06:38 ص  5356

 

 ثريا حسن زعيتر / اللواء

ظاهرة غريبة وجديدة في مدينة صيدا... وكأنّها أصبحت عُرفاً خاصّاً مع نهاية كل عام دراسي لطلاب البكالوريا...
ففي السنوات الماضية كان بعض طلاب المدارس يخرجون في جولة بسيارات ذويهم للتعبير عن فرحهم بانتهاء العام الدراسي، أما اليوم فأصبح معظم الطلاب يخرجون في مسيرة احتفالية جنونية، والأنكى أنّهم باتوا يتسابقون على استئجار أغلى وأحدث «موديلات» السيارات من المعارض، ويحرصون على أنْ تكون من «الموديل» ذاته، و«كشف» (مفتوحة السقف)، حتى يطلُّ منها الطلاب وهم يحملون البالونات ويطلقون أبواق الزمامير، رافعين شعارات مدارسهم... ويتحدّون بعضهم البعض - أي مدرسة تقدّم عرضاً أجمل وأحلى...
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل باتوا أيضاً يطبعون صوراً كبيرة لهم، يضعونها على الطرقات إلى جانب الزينة بأسماء الطلاب، حيث تكلّف هذه «الهمروجة» حوالى الـ 40 ألف دولار، يتقاسم الطلاب دفعها، فضلاً عن توابعها من مصاريف وإقفال طرقات وإزعاج الناس، فكل تلميذ يريد أنْ يذهب بـ «الكزدورة» إلى منزله، حيث يكون باستقباله الأهل والجيران بالمفرقعات، وكأنّها زفة عرس...
وقد أثارت هذه الظاهرة الغريبة عن مدينة صيدا إستياء بعض المواطنين، فَعَلَتْ أصواتهم مستنكرين، خاصة أنّنا نعيش في عصر التردّي الاقتصادي والغلاء، حيث تُدفع الأموال على «همروجة» ساعات دون أي جدوى، والأخطر من ذلك قد تؤدي إلى حوادث نتيجة طيش الشباب وهم يقودون السيارات وبسرعة أحياناً ودون انتباه، وقد حصلت حادثة مع طلاب إحدى المدارس، حيث خرج الطالب وهو يقود سيارته فرحاً فاصطدم بسيارة أخرى وأُصيب أحد المارّة برضوض.. وبدلاً من أنْ يفرح الطالب ذهب إلى المستشفى، علماً بأنّ المدارس تؤكد أنّها ليست مسؤولة عن الطلاب وما يحصل معهم، ما يطرح تساؤلات حول دورها وتوجيهاتها إلى الطلاب، وحول دور القوى الأمنية خاصة مع تطبيق قانون السير الجديد؟، فيما الأهل لا حول ولا قوّة لهم..
«
لـواء صيدا والجنوب» يسلّط الضوء على هذه الظاهرة الآخذة بالاستفحال عاماً تلو آخر، بين آراء مدراء المدارس والطلاب أنفسهم...

منافسة... والأفخم
*
رئيس مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا الدكتور جان داود قال: «من حقّ الطالب اللبناني أنْ يحتفلَ بتخرّجه بعد 15 سنة من الجهد والتعب، وهذا شأنه كل عام منذ القِدَم، إلاّ أنّه درجت في السنين الأخيرة «موضة» مواكب السيّارات الفخمة ومعظمها لقاء بدل مالي خيالي، والأدهى أنّ هذا الأمر أدّى إلى منافسة بين طلاب المدارس: مَنْ يتفوّق على الآخر بعدد السيّارات ونوعيّتها وحسب معرفتنا، تتبع هذه المواكب حفلات صاخبة ومكلفة».
وأضاف: «إلى هنا، نعترف بحقّ الطالب بالفرح والابتهاج، لكنّنا بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة شكاوى وتذمّراً من الأهل ومن سكّان المدينة بأنّ هذه الظاهرة باتت تشكّل إزعاجا لكثرة الصخب وأصوات أبواق السيّارات وقطع الطرقات أقلّه في أمكنة معيّنة، ناهيك عن مخالفة قوانين السير الجديدة كالخروج من الشبابيك أو الجلوس على سقف السيّارات... وأخيراً استعمال المفرقعات والأسهم الناريّة وهي أيضاً حسب علمنا أصبحت من الممنوعات».
وختم الدكتور داود: «في النهاية نطلب من أعزّائنا الطلاب أخذ الوضع اللبناني الذي نمرّ فيه هذه الأيّام بعين الاعتبار واستعمال مخيّلتهم الواسعة واللجوء إلى أساليب أخرى للتعبير عن فرحهم بالنجاح وحقّهم بالابتهاج».
غوغائية... ومسؤولية
*
لماذا استثنى قانون السير الجديد طلاب المدارس؟!... يتساءل مدير ثانوية الإيمان في صيدا كامل عبد الكريم كزبر الذي قال: «ما إنْ ينقضي العام الدراسي حتى تتعالى الأصوات ابتهاجاً، ويأخذ الفرح الطلابي أشكالاً ومشاهد متنقلة بين شوارع صيدا على شكل تظاهرات، هي إلى الغوغائية أقرب منها إلى الحضارية، والمجتمع ما بين مستهجن أو مؤيّد أو متفرّج، لكأنّها أدوار تتقاسمها الأسرة مع الطلاب، من غير الوصول إلى الالتزام المطلوب، الذي لا يتنافى مع تقاليدنا الصيداوية وقيَمَنا التي نعتز بها، ومع قانون السير الجديد!».
وأضاف: «ما يجري في كل عام على مدى أيام وليالٍ طوال.. يدعو إلى رفع الصوت عالياً، بأنْ كُفّوا عن هذه المهاترات التي لا صلة لها بمظاهر الفرح الراقي والمنظّم، والذي يتمثّل باحتفالات التخرّج السنوية، أو مع الأسرة والأقارب في البيوت والصالات... فما يدعو إلى الحيرة هو أنّ هذه الظاهرة تتكرّر في كل عام من غير اتخاذ أي إجراء لردعها أو الحدّ من خطورتها. تُرى مَنْ المسؤول؟ أهي الدولة التي تغضُّ الطرف عمّا يجري، وهي تعلم بأنّ الذين يقودون سيارات الهرج والمرج لا يحملون أي صفة قانونية؟، أم هي الأسرة التي قد تشارك – برغبة - الأبناء صخبهم وربما ترافقهم؟، علماً بأنّ هناك مَنْ يشير إلى مسؤولية المدرسة، وهذا ما يدعو إلى الاستغراب!!».
وتابع كزبر: «نحن هنا لا نُحمّل الطلاب المسؤولية فقط، وهم الذين فاقت فرحتهم مساحة تفكيرهم، والفرح مشروع حين يتخرّج الأبناء، لا حين انتهاء العام الدراسي.. لذلك نتوجّه إلى الأهل أولاً وأخيراً، وإلى المجتمع الصامت أمام ما يجري من تعرّض شبابنا للمخاطر وسط هذه الاحتفالات التي لا تراعي أي حرمة أو قانون أو قِيَم.. خاصة أنهم يدفعون أنفسهم إلى المخاطر من خلال جلوسهم على أسقف السيارات أو خروجهم من النوافذ، كما نقف مستهجنين أمام الحوادث التي قد تحصل وأمام المبالغ الكبيرة التي تُدفع لذلك، والتي فاقت الـ «20» ألف دولار في الجولة الواحدة».
ويبقى السؤال الأهم موجّهاً إلى مَنْ يهمه الأمر: ماذا فعلتم من أجل المحافظة على القانون وتأمين راحة الناس؟، ثم ماذا ستفعلون أمام خرق قانون السير الجديد؟، أم آنّ هناك استثناءً مبطّناً لطلاب المدارس؟!
زعل... واعتراض
*
أما منى فقد قالت، وهي تتنهّد من الحسرة: «للأسف أصبحنا في زمن المظاهر ولو على الدين، نحن بالكاد نحاول أنْ ندفع أقساط المدارس الباهظة وتوابعها، واليوم أضيفت إليها مصاريف احتفال آخر العام.. أنا مع الفرح والاحتفالات، لكن ضمن المعقول ليكون احتفالاً داخل المدرسة أو في مطعم بسيط  وليس بالمسيرات وإزعاج الناس وإقفال الطرقات».
وأضافت: «طلب إبني منّي مبلغاً من المال كي يشترك مع زملائه في استئجار سيارة وشراء بالونات وطقم للسهرة في مطعم.. حاولت الاعتراض لأنّنا نمر بأزمة مالية، والأولاد لا يعرفون، وحاولت أنْ أمنع إبني من المشاركة مع زملائه، لكنّه أصرَّ وقال لي: لماذا أنا الوحيد لا.. والجميع سيذهبون في مسيرة السيارات.. مع العلم بأنّ المسيرة تكلّف كل مدرسة ما بين 22 و 40 ألف دولار حسب السيارات.. أليس حرام أنْ يدفع هذا المبلغ فقط في «كزدورة» للسيارات مع الصراخ، ولم يتم بعد تقديم الامتحانات الرسمية وإقامة احتفال التخرّج من المدرسة».
سعادة... وحلم
*
بينما رأي ريما مختلف، إذ قالت: «أحببتُ كثيراً هذه الفكرة، خاصة عندما رأيتُ ابنتي سعيدة وتضحك مع زملائها، فهذه اللحظة لا يمكن أنْ أنساها ولا هي أيضاً.. فنحن في لبنان، أصبحنا نبحث عن الفرح لأنّه فُقِدَ من حياتنا اليومية. صحيح إنّها تكلّف مبلغاً كبيراً من المال.. لكنه يتوزّع على الطلاب وكل واحد يدفع حوالى 25 دولاراً إضافة إلى شراء فستان السهرة وتكاليف المطعم، يعني المبلغ الإجمالي نحو حوالى ألف دولار، لا أبخل بها على ابنتي فهي وحيدة بين شابين، وأنا أحبها كثيراً.. ولا أريد أنْ «تزعل»، لذلك قرّرتُ أنْ أوافق على هذه الفكرة مع إنّني كنتُ خائفة عليها من أنْ تسقط من السيارة وهي واقفة وحاملة البالونات، إنّما الحمد لله لم يصبهم أي مكروه، وكانت القوى الأمنية أمامهم وخلفهم حتى لا يسرع أحد».

 

 جريدة اللواء

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا