×

عند الثامنة مساء، نجح «المندسّون»، الذين باتوا معروفي الهويّة والمحرّض، في تحويل المشهد المدني، الجامع، إلى ساحة حرب.

التصنيف: مختارات

2015-08-24  02:21 ص  831

 

السفير عماد الزغبي
انتظروا هبوط المساء، فهم لا يعرفون سوى العتمة سبيلا لتنفيذ أوامر وتحقيق مآرب مرؤوسيهم.
من «سلميّة، سلميّة،» كما أرادتها حملة «طلعت ريحتكم»، في اليوم الثاني لتحركها، إلى ساحة حرب مجّانيّة، بدأ تحرّك «المندسين»، أو الشبّيحة، بهدف إجهاض الحراك، وتعكير الأجواء وافتعال الصدام مع القوى الأمنية، بالمفرقعات النارية أولاً، ومن ثم بإطارات السيارات المشتعلة، وقنابل «المولوتوف» حتى وصلت ألسنة النيران إلى خيمة تابعة لأهالي العسكريين المخطوفين في رياض الصلح، والخيم الأخرى التي نُصبت بعفويّة في ساحة التظاهر، واحتراق دراجة نارية تابعة لقوى الأمن الداخلي، لتلتهب ساحة رياض الصلح، ويأتي الرد من العناصر الأمنية بإلقاء القنابل المسيلة للدموع، وإطلاق العنان لخراطيم المياه.
بعدها، حُطّمت الواجهات الزجاجيّة للمحال الممتدة من ساحة رياض الصلح إلى ساحة الشهداء، وأُضرم حريق في محاذاة كنيسة مار جاورجيوس.
ساعات بعد الظهر كانت «سلمية» بامتياز، عبّر في خلالها المشاركون في التظاهرة، من رجال ونساء وأطفال، احتشدوا بالآلاف في وسط ساحة رياض الصلح، امتداداً إلى شارع المصارف، وفي اتجاه «مسجد محمد الأمين» وساحة الشهداء، عن رغبتهم في «إسقاط النظام»، تحركهم سبل العيش الكريم.
أشعل تدفق المواطنين من مختلف المناطق الأمل بـ«ثورة» سلمية على الفساد. أمّا الحراك العفوي المواكب، وصدح الحناجر بالنشيد الوطني، ورفع العلم اللبناني، فشكلت حافزاً للكثير من المواطنين، وأملا بأن المشهد سيكون مختلفاً عن ليلة السبت.
أما الصورة المسائية، أمام الأسلاك الشائكة بالقرب من السرايا الحكومية فكانت مختلفة، فمنظمو حملة «طلعت ريحتكم»، سعوا بكل طاقتهم لمنع الاصطدام بالقوى الأمنية، عبر إطلاق الشعارات الرافضة والمطالبة بإسقاط النظام، والتأكيد على سلمية الحراك، وتثبيت دروع بشريّة لمنع مجموعة من الشبان «المندسين»، سعوا أكثر من مرة وتحديداً بين الثالثة بعد الظهر حتى السابعة مساءً، لاستفزاز العناصر الأمنية من خلال رمي زجاجات المياة الفارغة، والمفرقعات النارية، حتى نجحوا بافتعال الشغب.
استغل «المندسون» الحشد البشري اللافت، والتزام العناصر الأمنية بالانضباط، فبدوأ بـ«الإغارة» على عناصر مكافحة الشغب، على دفعات، لكن محاولاتهم في البداية لم يكتب لها النجاح.
فكلما كادت الأمور تصل إلى حد «فلتان» الأعصاب، كان أفراد الحملة ينبهون من المندسين، ويعلنون البراء من ألفعالهم، ويدعون المواطنين إلى الابتعاد عن ساحة رياض الصلح، حتى كان لـ «المندسين» ما أرادوا بعيد السابعة مساءً بقليل، بعدما أعلنت الحملة عن إعلان فك الاعتصام في ساحة رياض الصلح، ودعوة مؤيديها للتوجه فوراً إلى ساحة الشهداء، عبر مكبرات الصوت. إلا أنه قيل إن الأسلاك سحبت من مكبّرات الصوت، لمنع الصّوت من الوصول للمتظاهرين.
بعد فشل محاولات «المندسين» في استفزاز العناصر الأمنية، في ما بدا وكأنه مخطط له، عمدوا إلى رمي الحجارة، وعمد أحدهم إلى فك باب حديدي ورميه باتجاه القوى الأمنية، فيما قام آخرون بإشعال النيران بالقرب من الشريط الشائك.
وجاء الرد سريعاً، بإلقاء عشرات القنابل المسيلة للدموع، لإبعاد المندسين، ما أدى إلى إصابة أكثر من عشرة مواطنين بالاختناق جراء تنشقهم للغاز، من بينهم مصور «تلفزيون الجديد».
وصعّد مثيرو الشغب من اعتداءاتهم، فعمدوا إلى إشعال حرائق عدة مترافقة مع محاولة سحب الأسلاك الشائكة التي تفصلهم عن القوى الأمنية. عندها بدأ المتضامنون مع حملة «طلعت ريحتكم» بإخلاء الساحة.
مراراً، حاولت حملة «طلعت ريحتكم»، تدارك ما يمكن تداركه. واتهم ناشط مدني في الحملة «بعض الأحزاب بإرسال عناصر لتوتير الوضع والتشويش». وأعلنت الحملة أكثر من مرة، أنها غير مسؤولة عن الموجودين داخل ساحة رياض الصلح، ودعت مؤيديها للتوجه إلى ساحة الشهداء، قبل أن تعلن بعيد الثامنة والنصف ليلاً عن فضّ الاعتصام داعية إلى العودة إلى التظاهر عند السادسة من مساء اليوم.
لبى مؤيدو الحملة دعوتها بفض الاعتصام، وبقي العشرات من الشبان، يرشقون القوى الأمنية بالحجارة والزجاجات الفارغة، وإشعال النيران، فيما القوى الأمنية ترد تارة بالغاز المسيل للدموع، وتارة بخراطيم المياه، وتحوّل الحراك المدني إلى ساحة حرب، بين «الشبيحة»، وقوى أمنيّة يبدو واضحاً أن أوامرها أمس كانت بالتهدئة، إلا أن مثيري الشغب ومن أرسلهم يعرفون ماذا يفعلون.

عشرات الجرحى
أعلن «الصليب الأحمر»، عن «نقل 43 اصابة من القوى الأمنية والمتظاهرين في وسط بيروت الى مستشفيات العاصمة» أمس، بينما تم نقل 23 إصابة إلى 5 مستشفيات في العاصمة، ومعالجة 70 حالة بطريقة فورية على الأرض، أمس الأول.
وأوضح مدير فرق الإسعاف والطوارئ في «الصليب الأحمر» عبدالله زغيب لـ «السفير» أن خمسين مسعفاً انتشروا في وسط بيروت وتوزعت 11 سيارة اسعاف، وسيارة واحدة لإدارة العمليات، مشيراً إلى أن «جميع المراكز في بيروت في حالة تأهب وجهوزية».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا