×

صيدا تضع تجربتها الناجحة في معالجة النفايات بتصرّف بقية المناطق

التصنيف: بيئة

2015-08-24  02:42 ص  665

 


رأفت نعيم  المستقبل
على مدى اسابيع شكل معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة في سينيق وجهة زيارات لفاعليات اقتصادية ورؤساء بلديات ووفود مستطلعة لهذا المعمل وطريقة عمله وآلية الفرز والمعالجة وطاقته الاستيعابية والتخزينية ومميزاته لجهة تأمين خطوط المعالجة لكافة مكونات النفايات من مواد عضوية وعوادم وغازات وعصارة، وما ينتج عن المعالجة من طاقة ووقود بديل ومواد يعاد تدويرها واستخدامها، واقتراب القيمين عليه بعد اشهر قليلة قادمة من التوصل الى معادلة «صفر عوادم.. صفر نفايات»، وبالتالي ليروا مدى امكانية الافادة من هذه التجربة الناجحة في حل مشكلة النفايات في مناطقهم. فما سر هذا الاهتمام بمعمل صيدا وما هي الخصائص والمميزات التي تجعله الحل الأفضل لمشكلة النفايات في لبنان، وما هي امكانية تعميم نموذج صيدا الناجح على مناطق اخرى خاصة في ظل تفاقم ازمة النفايات التي يواجهها لبنان وفي ضوء الصيغ المطروحة للحل.

زنتوت

يقول المهندس نبيل زنتوت نائب رئيس مجلس الادارة والمدير العام لشركة IBC مالكة ومشغلة معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة في صيدا: كانت صيدا تعاني من جبل النفايات الشهير، واتخذت بلديتها وعلى رأسها الأستاذ محمد السعودي قرارا بالتخلص من هذا الجبل الذي بلغ صيته ومشاكله قبرص. وكان تشغيل المعمل ضروري للتخلص من هذه المشكلة.

ويستعرض زنتوت المراحل التي مر بها انشاء وتشغيل المعمل فيقول: المعمل بالأساس يستغرق انجازه سنتين لا اكثر ليكون جاهزا للتشغيل، ولكن لأسباب تتعلق بدراسة الجدوى ثم بسبب ادخال تعديل على العقد بين بلدية صيدا السابقة والبلدية الحالية، وايضا بسبب بعض العراقيل تأخر تشغيل المعمل 7 سنوات (من 2005 حتى 2012)، وبدأ المعمل باستقبال نفايات مدينة صيدا والجوار في 17/11/2012. وهي نفايات منطقة اتحاد بلديات صيدا والزهراني التي تضم 16 بلدية بما فيها مخيم عين الحلوة. ونحن نستقبل يوميا من النفايات بين 240 و250 طنا يوميا، بينما الطاقة الاستيعابية للمعمل حاليا هي تقريبا 500 طن.

الفرز

وعن آلية ومراحل الفرز يقول زنتوت: في اول مرحلة تصل النفايات مضغوطة الى قبان او ميزان. لدينا قبانان وكلاهما مرخص من وزارة الاقتصاد. وبعد ان توزن تدخل الى مبنى الفرز المكيانيكي وهناك تبدأ عملية الفرز بفرز اولي يدوي، فيتم سحب بعض القطع الكبيرة مثل: قطعة من اثاث، دولاب، قطعة من تلفزيون، او قطعة نايلون كبيرة او غيرها وهذه عملية يدوية على ارض المبنى ونسبة هذه المواد بين 2 و3 % .

ويضيف: مبنى الفرز المكيانيكي مجهز بـ«بيوفلترز» لتنقية الهواء وهناك ضغط للهواء فنسحب الهواء ويتم تغييره 3 مرات بالساعة. تدخل النفايات على الخط الأوتوماتيكي ويبدأ الفرز، 85% من فرزنا ميكانيكي اوتوماتيكيا. نستخدم طريقة الفرم وبعد ذلك يختلف الأمر لأنك لا تعد تستطيع التقاط شيء لأنك تصغر حجم كل شيء، وهذه من مميزات معمل صيدا انه قادر بمعدل 30 طنا بالساعة على فرز كل هذه النفايات المختلطة، واغلب الفرز اوتوماتيكي. نسحب الحديد والألومينيوم والكرتون والبلاستيك، وبعد ان تفرز النفايات على القشاطات هناك اماكن نسحب منها يدويا المواد البلاستيكية بينما كل شيء معدني يسحب اوتوماتيكيا.

ويتابع: معمل صيدا الوحيد الذي لديه معالجة للمواد العضوية من الألف الى الياء. نحن ننقي العضوي من الشوائب 100% وهذه ميزة معمل صيدا من خلال التقنية التي طورناها لنتمكن من الفرز، وتوصلنا بعد اجراء تعديلات الى سحب الشوائب من العضوي بعد فرزه ومن ثم نخلطه بمياه المعالجة من اجل تكاثر البكتيريا . وبالنسبة للمواد غير العضوية خلال الفرز وبالطريقة الميكانيكية ايضا استطعنا ان نسحب ونفرز اكياس النايلون والمواد البلاستيكية. هناك حوالي 10% من الـ240 عبارة عن اكياس، وواحد في المائة قناني بلاستيك. الأكياس تحول الى معمل روكي بلاست وتحضر وتغسل وتفرم وتعالج بآلات حديثة المانية ايضا، وينتج عنها مواد خام يباع قسم منها في السوق المحلي لكن الأغلب يصدر الى الخارج. بينما المعادن التي تسحب نسبتها قليلة وهناك من ياخذها ويصرفها. وبالنسبة للكرتون، لدينا نوعان من الكرتون، نظيف معدله لا يتجاوز 3 أو 2.5 %، نسحبه وياخذه منا معمل سوليكار في وادي شحرور. والدرجة الثانية ياخذه ايضا، وهناك الكرتون غير الصالح للتدوير. لا مشكلة اذا دخل الى خزان المعالجة، واذا لم يدخل ناخذه.

المعالجة

وعن آلية المعالجة اللاهوائية يقول: تدخل النفايات العضوية الى خزانات خاصة ونبدأ بخلطها بالمياه، ثم تدخل الى خزانات بيولوجية او ما يعرف بخزانات الهضم اللاهوائي وهي مقفلة. وخلال المرحلة بين الخلط والخزانات هناك محطة جديدة اضفناها وهي سحب الشوائب الثقيلة من رمل وبحص وزجاج وسيراميك، اي الفرز الثالث. واهم شيء تنقية النفايات العضوية، ثم تدخل الى خزانات المعالجة البيولوجية نظيفة وتبقى فيها نحو 15 يوما، على حرارة بين 55 و60 درجة. واذا قلنا 240 طنا نفايات هذه تنتج موادعضوية بين 55و 60%، وهذا يختلف حسب كل منطقة. 50% منها تدخل الى الخزانات. اي 120 طنا، وفترة المعالجة 15 يوما .

ونسأل زنتوت: ما طبيعة الطاقة التي ينتجها المعمل؟ فيجيب: عندما تبدأ المعالجة عن طريق التفكك الحراري، نسترد الطاقة، وهي غاز الميتان CH4 الذي يخرج ونسحبه مباشرة عن طريق كومبرسورات غاز خاصة ويذهب الى المعالجة، ونسحب منه الـH2S، وننظف الغاز من عدة شوائب ثم ندخله الى مولدات توليد الطاقة، ومن الـ 240 طنا نفايات نولد بين 1800 الى 2000 كيلو وات ساعة كهرباء وبنفس المعدل حرارة .واذا قلنا 2000 كيلو وات اي 4000 امبير. بينما الH2S نعيد تثبيته كيماويا. وفيما يعني المعمل هذه الطاقة نستعملها لنشغل المعمل كله، ولنشغل ايضا معمل اعادة تدوير البلاستيك الذي انشأناه بالشراكة مع شركة «روكي بلاست» من بلاط -جبيل. وهناك ايضا 150 كيلو وات ساعة نعطيها ليلا لبلدية صيدا مجانا لإنارة الشوارع وقريبا سنعطيها كهرباء من المعمل مجانا لإنارة الحديقة التي تقوم مكان جبل النفايات .

وعن طاقة خزانات المعمل على التخزين يقول: لدينا خزانان بيولوجيان للمعالجة نستعمل واحد والثاني لا يزال فارغا وجاهزاً ، الأول نستعمله بنحو 80% من طاقته، والمعمل قادر على ان يعالج - اذا اتاه فقط مواد عضوية مفرزة حاضرة منقاة للمعالجة - كل خزان بحد ادنى يستطيع ان يعالج 150 طنا يوميا، اي 300 طن في الخزانين ونستطيع ان نصل وجربنا ووصلنا الى 175 طنا يوميا في كل خزان. ولم نتاكد بعد من الوصول الى الـ200 طن في الخزان الواحد لكن اعتقد هذا المعمل قادر على ان يعالج 350 طنا عضويا يوميا.

مصير العوادم

ما هو مصير العوادم؟ يقول زنتوت :الذي يبقى بعد كل عملية الفرز هو العوادم ومعدلها 25% لكنها مكونة من: عوادم ثقيلة بنسبة 10% مثل رمل وبحص وحجارة وسيراميك وزجاج، وهذه الثقيلة نسحبها ونغسلها وتكون خالية من المواد العضوية فندخلها في تصنيع حجارة «الهورديه» وحجارة ارصفة الطرقات. وتبقى العوادم الخفيفة ونسبتها نحو 15% ، اساسها ونصفها من القماش والسجاد واللحف والاسفنج، تقريبا هذه تشكل على الأقل 7% من هذه النفايات يوميا، نسحبها ونحولها وقودا بديلا RDF مع بقايا نايلون لم نستطع سحبه وفلين ابيض وخشب وحفاضات، فيتم فرزها . وبالنسبة للوقود البديل او الـ RDF ، شروطه ليكون كذلك يجب ان يكون مفروما بحجم قطع صغيرة 3×3 سم ونسبة الرطوبة له دون العشرين في المئة ويستحسن ان تكون 15% . ونحن ننتج وقود بديل بهذه الموصفات. اما القماش وبقايا النايلون والفلين والحفاضات فيتم سحبها من مبنى الفرز كبقايا الى مبنى خاص اسمه مبنى الوقود البديل RDF، حيث توجد آلات فرم، والات لسحب الحديد اذا وجد فنفرمها بهذه الموصفات، وقبل ذلك نرشها بأنزيمات اذا وجد فيها اي اثر عضوي للتخلص منه، ثم ناخذها لتجفف ثم نكبسها. وحاليا ولأن لا احد لديه رخصة لإستعمال الوقود البديل RDF في لبنان نقوم بطمر هذه المواد مؤقتا بعد ان تصبح 10% في ارض مجاورة للمعمل بعد ان نخلطها بالتراب.

اضاف: للتخلص من الوقود البديل، امامنا خياران: هناك فحص اجرته شركة «اباف» باشراف وزارة البيئة في سيكومو قب الياس فاذا كانت النتيجة ايجابية، نكون استطعنا ان نؤمن تصريف الـRDF ونرسلها كوقود بديل جاهز للاستعمال. وفي حال تأخرت لأي سبب، لدينا خطة بديلة، حيث ادخلناها مثل العوادم الثقيلة كالحجارة والرمل ايضا في حجارة «الهورديه» ومواد البناء. وهناك تجار بناء ابدوا استعدادا ليبدأوا استعمالها. ونتوقع ان نتوصل خلال اربعة اشهر لان نعد كل الـRDF اما للتصدير او لإدخالها في صناعة الحجارة. وبذلك لم يعد لدينا عوادم، ويصل معمل صيدا مع نهاية السنة ليقول انه لم يعد بحاجة لمطمر. وان تصل الى صفر عوادم امر عجائبي خاصة انها اتية من نفايات غير مفرزة من المصدر، مخلوطة ومكبوسة لتصل الى هكذا امر هذا امر لم يحدث الا في صيدا، وحتى الألمان متعجبون كيف وصلنا الى هذه المرحلة.

وعن نفايات المسالخ والزجاج يقول زنتوت: تقريبا ناخذ بين 3.5 الى 4 طن يوميا نعالجها بالهضم اللاهوائي، أما العظام فتسحب جانبا وتفرم وايضا سيكون للعظام تصريف نهائي اما في صناعة الحجر ومواد البناء او تصريف آخر لوحدها. وبالنسبة للزجاج لا توجد مشكلة اذا كان مكسرا لأنه يدخل في صناعة الحجر بل اكثر من ذلك هو يعطي الحجر لوناً وخاصة الأخضر. لكن الزجاج كي يعاد تدويره يحتاج الى فرز من المصدر ونحن نشجع على ذلك. الفرز من المصدر مهم والاهم فيه ان تفكر بالعضوي، شرط ان تفرزه كما يجب دون اية شوائب لكن حتى الآن ليس لدينا هذه الثقافة وهذا يجب التركيز عليه .

العصارة

وعن كيفية معالجة المياه التي تستعمل لغسل النفايات؟ يقول زنتوت:عندما تخرج المواد العضوية من الخزانات ناخذها الى خزان تثبيت، وهناك تمكث يومين تقريبا على شكل وحول فيتم تهوئتها وبعدها نسحب المواد العضوية ونرسلها الى مبنى ثالث هو مبنى العصارة فنعصرها. والمياه الناجمة عن العصر نحن بحاجة لها حيث نعيد ادخال 90 % منها الى اول مرحلة فرز للمواد العضوية ونعيد خلطها بهذه المياه التي فيها نسبة بكتيريا تسرع عملية المعالجة. والـ10 % التي تبقى، ترسل الى محطة تكرير في المعمل، والباقي نرسله الى محطة معالجة المياه المبتذلة بجانب المعمل.

وعن مردود المعمل ماليا يقول زنتوت: حجم الاستثمار نحو 45 مليون دولار من ضمنه ثمن العقار حيث ردمنا ارض العقار حتى سمحت لنا وزارة البيئة بالحصول على الترخيص والحسابات بالنسبة لهكذا معمل اذا بني في سنتين، فان الوقت لاسترداد المال لا يجب ان يتجاوز الست سنوات، لكن يختلف الوضع بالنسبة لمعمل صيدا لأنه منذ البداية كانت توجد عراقيل. وبدون شك نحن الآن نغطي مصاريفنا، وحتى نخرج بمردود افضل، يجب ان تكون الكمية التي تعالج اكثر ليزيد المردود ونعوض الفترة التي مرت. ففي اول سنتين كنا نتقاضى 85 دولارا على الطن الواحد وفي ثاني سنتين اصبحت 95 دولارا، والآن ندرس مدى امكانية تحسين البدل لكن هذا لا يتم بالنهاية الا بالتفاوض مع البلدية .

عوامل النجاح وتعميم التجربة

يقول زنتوت: من خلال تجربتنا في صيدا من حظ المدينة ان البلدية وعلى راسها المهندس محمد السعودي كان هدفه الأساسي التخلص من جبل النفايات، فكان دافعا وحاضنا لنجاح هذا المعمل. وايضا نائبا المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري كانا داعمين للمشروع ونحن لم نكن لننجح لولا دعم ومواكبة نائبي المدينة ومساعدتهما لنا في ازالة كافة العراقيل والمشاكل التي كانت تواجه المعمل. ورغم ان هناك اعتراضات لا نقف عندها، لكن الجو العام ان الناس اصبحت تقدر اكثر ان صيدا لديها انجاز.

وردا على سؤال يقول: صيدا اصبح لديها خبرة في موضوع النفايات، ولا مشكلة بنقل خبرة صيدا لمناطق ثانية. اصبح لديك معمل اثبت جدارته يأتي اليه فعاليات ورؤساء بلديات ووفود من كل المناطق تزور وتطلع وتندهش بالمعمل. لديك حل نموذجي بيئي سليم جدا، اذا اردت ان تنقله الى اماكن ثانية لا مشكلة، ويجب ان يكون ذلك بالتعاون والتنسيق مع البلديات، لكن بالنتيجة لديك تجربة تحل لك المشكلة، ولدينا قناعة بعد تجربتنا في صيدا ان لا حل لمشاكل النفايات في لبنان بالطمر. فقد رأينا النتيجة. فالمعالجة الهوائية والتسبيخ تحتاج مساحات بعيدة ونائية ولن تنتج سمادا متجانسا ولا استرادادا للطاقة بينما اثبتت طريقتنا انها الافضل. وموضوع الحرق من المعروف في كل اوروبا انك لا تحرق المواد العضوية وانما البقايا والحرق ليس حلا بل مشكلة. كلفة انتاج معمل حرق بطاقة معمل صيدا نحو 300 مليون دولار بينما الطريقة الحالية المتمثلة بمعمل صيدا لا تتجاوز الكلفة الخمسين مليونا. وانشاء معمل مثل معمل صيدا يحتاج سنتين بينما المحارق تحتاج اكثر.

وعما اذا كان المعمل يستطيع استقبال نفايات من خارج صيدا يقول زنتوت: القرار يعود لبلدية صيدا ويستوجب موافقتها، لكن المعمل جاهز لأن يستقبل ويعالج 250 طنا اضافيا علما ان مساحة المعمل 40 الف متر مربع.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا