×

باقِ.. حتى آخر جريدة !

التصنيف: إقتصاد

2016-04-28  12:47 م  270

 

رأفت نعيم -

في زمن يطغى فيه الإعلام الإلكتروني على الورقي فيستفيد الأول من عامل السرعة في نقل الخبر او اعادة نشر مقال او تحليل او حتى خبر انفرد به الثاني، ويقاوم الأخير بالورق العاري !.
عند زاوية تقاطع محاذ لشركة الكهرباء في مدينة صيدا لم يبرحها منذ عقود، يصمد آخر باعة الصحف المتجولين داخل مدينة صيدا بما تبقى له من زبائن اعتادوا المرور به صباح كل يوم كما تصمد الصحف التي يبيعها بما تبقى لها من قراء.. وامكانيات للبقاء..
اكثر من 47 سنة امضاها وليد اسكندراني في بيع الصحف والمجلات ولا يزال مواظبا على هذه المهنة التي تعلق بها صغيرا منذ كان يرافق والده وهو يبيعها. يقول وليد : عندما كنت في السابعة من عمري كان والدي يرسلني بـ» جريدة « يوميا الى موظف بأحد المصارف..ولا زلت وعمري الآن 54 سنة اوصلها لهذا الموظف... لقد اصبحت هذه المهنة هي كل حياتي ومنها اسست اسرتي وعلمت اولادي..
ويضيف: كان عددنا في صيدا وحدها يتجاوز الخمسة، كنا ننزل حتى في اصعب المحطات وابان الأحداث وفي فترة الاجتياح الاسرائيلي ونعرض انفسنا للخطر لنبيع الصحف وانا شخصيا كنت اقوم بـ»تهريبها» عبر نهر الأولي عندما كان الاحتلال يغلق مداخل صيدا، لتبقى الناس على علم بما يجري في البلد من خلال الصحف. وكنت في البداية اتخذ من شارع رياض الصلح مكانا دائما لبيع الصحف على السيارات والمارة، ثم انتقلت لاحقا الى محيط شركة الكهرباء وما زلت، لكن عندي ايضا «بسطة « في شارع الشاكرية. لكن كما ترون لم تعد هذه المهنة تطعم خبزا ومن كان يعمل فيها اما غادر هذه الدنيا او لم تعد تسعفه صحته او فضل العمل بمجال اخر. وحتى متعهدي توزيع الصحف والمجلات المحليين توقفوا عن هذا العمل واصبح التوزيع يناط بشركات متخصصة توزع الى كل المناطق.
وعن مدى تأثر عمله بثورة الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، يقول الاسكندراني: للأسف اصبح الإعلام بمعظمه الكترونيا وحتى معظم الصحف الورقية اصبح لها مواقع الكترونية وبات القسم الأكبر من قرائها يتابعونها عبر هذه المواقع او عبر ما تنقله عنها مواقع اخرى او سائل التواصل الاجتماعي، ومن بقي يشتري جريدة هو اما من تعود على شرائها وتصفحها وقراءتها صباح كل يوم وهو يشرب فنجان القهوة، او من يريد الاحتفاظ بالنسخة الورقية لأن فيها خبرا او صورة او اعلانا يهمه. ولذلك يتناقص عدد زبائن الصحف يوما بعد يوم بسبب وفاة الكبار الذين اعتادوا اقتناءها، وعدم اهتمام الجيل اللاحق والشباب بالاعلام الورقي بسبب انغماسهم في الالكتروني الذي بات يغطي كل شيء، السياسة والاخبار العادية والأمنية والرياضة والثقافة وحتى التسلية، وينقل ما ينشر من تحليلات في هذه الصحيفة او تلك.
وعما ينتهي به اليه يومه من بيع الصحف، يقول : النسبة التي نتقاضاها لا تزال هي نفسها رغم تبدل الأحوال المعيشية الى الأسوأ، وبالكاد اعود الى المنزل بما يسد الرمق. لكن الحمد لله مستورة، ولن اتخلى عن هذه المهن التي امضيت فيها معظم حياتي وباق هنا في هذا المكان حتى آخر جريدة !
لا نقابة تحمي باعة الصحف او تطالب بحقوقهم - بحسب الاسكندراني-، رغم انه كانت هناك محاولات في الماضي لتأسيس نقابة تعنى بهم، ولكن حتى لو وجدت النقابة ماذا كانوا سيفعلون لنا في ظل هكذا ازمة تهدد مؤسسات اعلامية كبيرة فيها مئات الموظفين- يختم متسائلاً !.

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا