×

صورتي التي .. لم ألتقطها !

التصنيف: الشباب

2017-01-14  02:24 م  476

 

 رأفت نعيم /

عندما عرض عليّ الصديق الفنان زاهر البزري فكرة اللقاء مع طلاب قسم التصوير الفوتوغرافي في مركز التدريب المهني والتقني للشباب في صيدا والذي تديره مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة بالشراكة مع المديرية العامة للتعليم المهني والتقني لعرض تجربتي كمراسل ومصور صحفي في آن ، تهيبت الفكرة للوهلة الأولى !.

فانا لم اعتد ان أقف امام "العدسة" متحدثاً عن نفسي ..بل كنت وانا دائما خلفها -او حتى امامها - اتحدث عن الآخرين وانقل صوتهم .. رايهم .. وجعهم.. فرحهم .. فكيف بي اليوم اجدني مطالباً بأن احكي عن تجربتي صحافيا امام عدسات ووجوه واعدة لمصورين هم في مرحلة اكتشاف اسرار الصورة وابعادها واختبار قدرتهم على التقاط اجملها واكثرها تعبيرا .. وبالتالي هم ينتظرون مني ان ازودهم بما راكمته تجربتي المتواضعة ..

هنا كان علي ان اقرر: من هو ذلك الذي سيقف امام هؤلاء الطلاب متحدثا.. المصور الصحفي.. ام المحرر .. ام المراسل الذي يجمع بين هذا وذاك ..ام الانسان الذي يجمع كل هؤلاء.. فاخترت الاخير ...لأنه لا قيمة لكل هؤلاء بدونه !.

تركت اللقاء ينطلق بشكل عفوي ودون تحضير لنص مكتوب – وانا الذي اميل عادة للتعبير كتابة اكثر منها محادثةً- وحرصت على ان اخاطب الطلاب واقفا متحررا من اية رسميات او مجاملات.. ومتخففا من هاتفي..ولو حتى حين.. وساعدني في ذلك سرعة تفاعل الطلاب انفسهم معي وتمهيد وترحيب دافئين من الفنان زاهر البزري ( المشرف على قسم التصوير) ومن رئيسة المركز السيدة معادن الشريف كانا كفيلين بإزالة "جليد" اول لقاء لي من هذا النوع ..

وجدت نفسي تلقائيا اتشارك مع هؤلاء الطلاب استعادة بعض من محطات تجربتي مع مهنة البحث عن المتاعب بكل ما حفلت به من احداث وكيف تطور العمل الصحفي ووسائله وتقنياته طيلة ربع قرن .. وكانت في الوقت نفسه فرصة لي لإكتشاف بعض من مواهب الطلاب الواعدة التي جسدوها لقطات فنية لمعالم وامكنة وانماط عيش من واقع الحياة اليومية في اطار تمرسهم بمجال اختصاصهم وهو التصوير الفوتوغرافي.. فأعادوني الى البدايات التي اعتز بها والى تلك اللقطات العشوائية والعفوية والمتفاوتة الأبعاد والمسافات والزوايا التي كنت ابحث بينها عن الصورة الأفضل ..

فوجئت واعجبت بما اختاروه من مواضيع لصورهم وبحماسهم للاختصاص الذي اختاروه وبحجم المعرفة وتطور التنقيات التي وفرها لهم المعهد لإظهار مهاراتهم ومواهبهم ، وتبادلت واياهم دور السائل والمجيب ، هم عن رأيي في ما التقطوه من صور ، وانا عما تختزنه كل صورة من فكرة او موضوع او قضية او نشاط.. ففي تلك اللحظة لم يكونوا وحدهم من يعيشون تجربتي.. بل كنت انا الآخر احاول اغتنام هذه الفرصة لأستعيد ملامح ذلك الانسان الذي اضعته وانا منغمس في هذه المهنة .. وكيف انه بقي طوال تلك السنوات يراكم صورا واخبارا وتحقيقات وعناوين لأحداث وانشطة ومحطات .. ولم يفكر يوما في جمع وتقييم او رصد تطور عمله وادائه خلالها وانعكاسها على شخصيته وحياته وعلاقته بمحيطه وبالمجتمع تاركاً للآخرين دائما هذه المهمة.. ربما لأن قدر المراسل الصحفي ان يظل صوتاً للناس وقلماُ يعبر عنهم وعيناً تنقل واقعهم وقضاياهم ..

شعرت وانا اتحاور مع الطلاب بمزيج من الرضى والمسؤولية في آن ، الرضى عن مسار الحوار والمسؤولية تجاه من احاورهم بأن اكون قد اديت الهدف من اللقاء ، وانتهيت الى شيء من التوازن مع النفس عندما ايقنت بأني كما – ربما – افدتهم من تجربتي ، فاني ايضا تعلمت معهم ومنهم ما كنت امارسه في مهنتي دون ان اردده او ابوح به ، وهو انك لتنجح في أي عمل لا بد أولاً من ان تحبه .. وتتقنه .. وتجعله ذا فائدة لك وللمجتمع من حولك، وانه اذا كان علم التصوير الفوتوغرافي يستند الى مبادىء وقواعد واسس وتقنيات فان لكل من يخوض غماره ويتمرس به نظرة خاصة به وزاوية ينظر منها في التقاط اللحظة والفكرة او القضية والتعبير عنها بصورة .. وان الانسان مهما تعلم واكتسب خبرات في أي مجال يبقى بحاجة لاكتساب المزيد.. لأن العالم من حوله في تطور مستمر، ليصبح التحدي بالنسبة للصحافي هو ان يتحول من ناقل للخبر..الى صانع له.. وهذا ما نسميه بالابداع ، لكن يضاف الى ذلك تحد آخر وهو ايجاد مساحات للتعبير عن هذا الابداع في ظل انحسارها في عالمنا الالكتروني الذي اصبحنا فيه مجتمعا مستهلكا للمعرفة .. لا منتجا لها !.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا