الدور التربوي والاجتماعي للمسجد

 

ب) الجامع الأموي في دمشق :

 شيده الوليد بن عبد الملك، وقد حدث في ولاية الخليفة عمر بن عبد العزيز أن جاء وفد في سفارة من قبل إمبراطور الروم، ورغبوا في زيارة المسجد، فوكل لهم "عمر" مرشداً يعرف لغتهم، فلما دخلوا المسجد ورأوا عظمته وبهاءه، نكس رئيس الوفد رأسه واصفر لونه، فسأله من معه عن حاله فقال : >إنا معشر أهل روما نقول : إن بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدة لابد أن يبلغوها<. فلما وصل هذا الحديث إلى مسامع الخليفة عمر بن عبد العزيز قال : >وإني أرى أن مسجدكم أغيظ على الكفار< وترك ما عزم عليه من نزع لمظاهر الترف بالمسجد(1).

وتُعَدُّ حلقة الصحابي أبي الدرداء في جامع دمشق من أقدم المدارس القرآنية في التاريخ الإسلامي. قال سويد بن عبد العزيز : كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة وعلى كل عشرة عريف، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفهم ثم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك، وكان ابن عامر عريفاً على عشرة، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر. وعن وسام بن مشكم، قال، قال لي أبو الدرداء : اعدد من قرأ عندي القرآن فأعددتهم ألفاً وستمائة ونيفاً كان لكل عشرة منهم مقرئ(1).

وممن جلسوا للتدريس في هذا المسجد، الخطيب البغدادي سنة 456هـ، وكانت له حلقة كبيرة يجتمع إليه الناس فيها كل يوم ليقرأ لهم دروساً في الحديث. وكذلك حجة الإسلام الغزالي كانت له حلقة شهيرة، وقد أكمل كتابه "إحياء علوم الدين" في هذا الجامع(2).