أحكام تتعلق بالمسجد, آداب المسجد, , فضائل المسجد, تفاسير أحكام زيارة المسجد النبوي, الدور التربوي والاجتماعي

المسجد

هو البيت الأطهر، والمحراب المقدس والمكان المبارك، الذي يرفع منه كل يوم اسم الله في السماء خمس مرات، وينادى عالياً بتكبيره وتهليله في الخمسة الأوقات، ويُعْلِنُ في البرية نشيد السعادة وعنوان العبادة بتوحيد الله وتمجيده وإجلاله ويؤذن في الأنام بدعوة الفلاح ودخول وقت الصلاة، وهو البقعة التي يُمجّد الله فيها في أرفع التمجيدات وتقدم إليه أجمل العبادات ويثنى عليه بالتكبير والتهليل، ويُشهد له بأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً  أحد، ويُقر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الكاملة المجيدة وبالدعوة الكريمة العتيدة، وفيه ينزه الله عن الشرك والأنداد والصاحبة والأولاد، وبه تقام شعيرة الصلاة وتنشأ أعظم الصلات بين العبد الكامل العبودية من كل وجه وبين الإله الكامل الألوهية من كل وجه، وبه تعد الأجيال وتتعلم أفضل الأعمال وأجود الأقوال وتلقن دينها وعلومها واساس وجودها وغايتها في الحياة ومصيرها بعد الممات، فحق للمسجد أن يُعظم أرفع التعظيم ويُقدس أعظم التقديس فما قصده عبدٌ متطهرٌ في بيته ليقضي فريضة من فرائض الله إلا كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة، وما اجتمع فيه قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده، وهو من بعد لا يصلح للبيع ولا التجارة، ولا يصح فيه إنشاد الضالة والضائعة، وخُصت هذه الأمة عن غيرها بأن كانت الأرض لها مسجداً وطهوراً، بعد أن كانت الأمم من قبلها تصطفي مكاناً للعبادة ويبقى غيره محظوراً، وهكذا أعلى الله شان المسجد ورفع درجة عماره وأحب الناشئين في أكنافه وأضاف اسمه إلى اسمه.

قال تعالى: ** في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدوّ والأصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار* ليجزيهم الله أحس ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب **

 واختص الله هذه البيوت المطهرة والمحاريب المقدسة بان تكون منفردة لجلاله وتمجيده لا يشاركه فيها ندٌ أو عبد أو جاه أو قيمة فيتوارى ظلالها ويختفي ظلامها بنور الله، فقال جل ذكره ** وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا **

دور المساجد

      قال الله تعالى في كتابه العزيز ( في بيوت أذن الله أن و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الإهمال , رجال لا تلههم تجارة و لا بيع في ذكر الله و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب و الأبصار .) ( النور 36, 37.)  سخّر الله ما في الأرض جميعاً لخدمة الإنسان و أمره بعبادته و إقامة دينه في الأرض و جعل ذلك سبباً لسعادة الناس و فوزهم في الدارين الدنيا و الآخرة.  و لما كان المسجد  من أهم الأسباب التي تحيي الدين و ما فيه من حياة طيبة في الأرض أذن الله تبارك و تعالى ببناء المساجد في الأرض و نسبها له تعظيماً و تشريفاً فسميت بيت الله عز و جل.   و شرف الله ببنائها و خدمتها خير الأنام فها هو يأمر إبراهيم و إسماعيل "عليهما السلام" ببناء البيت و تطهيره و إعداده للمؤمنين الركع السجود لمتى يقيموا فيه أعمال الإيمان التي تولد فيهم الفهم الصحيح لمسيرة الدنيا ة الآخرة و تشرح صدورهم بمعرفة الله معرفة يقينية. قال الله عز و جل: ( و إذ يرفع إبراهيم القواعد في البيت و إسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )البقرة 127.  و قال عز و جل :( ... و عهدنا الى إبراهيم و إسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين و العاكفين و الركع السجود )..البقرة 125. و أما بالنسبة لدعوة خاتم الأنبياء و المرسلين فكان المسجد و ما زال يحتل الدور الأكبر في بناء الأمة الإسلامية و نشر دعوتها و استمراريتها و وجودها لذلك أول ما قام به رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هجرته الى المدينة هو بناء المسجد و شارك بنفسه في بنائه . و رغم بساطة بنائه و أرضه البحصاص و أعمدته جذوع النخل و سقفه الجريد إلا انه كان المنطلق الأول للأمة و مركز تحويل عادات الجاهلية الى أخلاق محمدية و تحويل فكر الدنيا الفانية الى الآخرة الباقية و كان جامعا لكل الناس رغم التفرق الشديد في الجاهلية فوقف العربي بمحاذاة العجمي و العبد مع السيد و الأسود مع الأبيض و الغني مع الفقير و العالم مع الأمي و المهاجر مع الأنصار و  الأوسي مع الخزرجي الكتف بالكتف صفاً واحداً لله ساجدين راكعين خلف إمام واحد . فخرجت من المسجد حينها خير أمة أخرجت للناس تأمر الناس بالبر و الخير و الأخلاق العالية الرفيعة و الطاعات المنجية من مهالك المحرمات و زيغ الشيطان و أهواء النفوس.

   دور المساجد في الإسلام دور أساسي في وجود الأمة و بقائها و هذا لا يكون من خلال البناء الظاهري للمسجد فقط بل من خلال اقامة أعمال المسجد الكثيرة التي تظهر لكل متأمل في حياة النبي صلى الله عليه و سلم .

 من أهمها : الإجتماع على طاعة الله .

-    ففيه تقام صلاة الجماعة لما فيها من تعظيم لشعائر الله و إعلاء لذكر الله و حضور جماعة المسلمين , فتحيا في ذلك العلاقة الطيبة بين العبد و ربه و بين العبد و مجتمعه لذلك ينادي المؤذن للصلاة الجامعة في المسجد عند خمس أوقات في اليوم و الليلة.

-    الإجتماع الأسبوعي في المسجد لصلاة الجمعة و الاستماع لخطبة الجمعة لتوحيد الفكر و شحذ الهم و تقوية الايمان و التوعية و الارشاد.

-    و تجتمع الأمة في المسجد في أفراحها و أحزانها و عند الكرب , أما الأفراح كصلاة العيد إن لم يتسنى مصلى العيد , و أما في الأحزان كصلاة الخباز, و أما في الكرب كصلاة الكسوف و الإستسقاء  و إذا لم يتسنى المصلى .

و حتى يتم هذا الإجتماع بشكل سليم و يؤتى أكله أمر الإسلام بكل عما ينجحه و نهى عن كل عما يسيء إليه.

و من أهم الأعمال التي تنجحه باختصار النظافة كالتطهر و التطيب و السواك و منها خفض الصوت وحسن الإستماع الى الخطيب و الإقتداء بالإمام و غير ذلك و نهى عن أكل ثوماً أو بصلاً‌ و كل ما له رائحة مؤذية أن يحضر المسجد و نهى البيع و الشراء و نشر الضلالة لأن الدين يجمع و الدنيا تفرق.

-         ومن أعمال المسجد كذلك التعليم و التربية .

فكانت حلقات التعليم تقام في المساجد فيتعلم المسلم عقيدته و ما له و ما عليه من أمور دينية فيحظى بالخير الكثير . و كانت هذه الحلقات تخرج العلماء و الدعاة و المجاهدين لينشروا الهداية في شتى بقاع الأرض.

و كذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم يستقبل الوفود في المسجد تارة و يجهز الجيش و يرسل السرايا و يقضي بين الناس و إذا أراد أن يجمع بين الناس لطارئ حدث نادى بلال الصلاة جامعة .

 و يهيئ الصحابة الكرام في المسجد ما يلفت انتباه أشبال الإسلام فيسارعن الى المسجد حتى يتربوا و يترعرعوا منذ الصغر فيه.

و كانت تقام الخدمة في المسجد للمسلمين عموماً كالمرض و الفقراء و أهل الصفة و ما شابه و للمسجد خصوصاً كالتنظيف و التبخير و تهيئ المياه.

  فكانت هذه الأعمال و غيرها الكثير مما يطول به الكلام هي عمارة المسجد في الحقيقة قال الله تعالى :"إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة وآتى الزكاة و لم يخشى إلا الله فعسي أولئك إن يكونوا من المهتدين " التوبة 18.

 للمساجد القديمة في البلاد الإسلامية  فعلى سبيل المثال 

نجد في أحياء صيدا القديمة الكثير من المساجد المتقاربة فيما بينها مع قلة سكان البلدة و هذا إن دل على شيئ إنما يدل على ادراك أهمية عمارة المسجد باعماله و تقديمه على كل ما سواه.

  و نلاحظ أيضاً أم الذين بنوا تلك المساجد لم ينفقوا على بنائها و حسب بل أوقفوا الأملاك التي ترد النفقة على الخدم و المؤذن و العالم لضمان استمرارية أعمال المسجد .

و كانت الأمة الآن تنشد شعار التغيير من منطلق قوله تعالى "م.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..." الرعد 11.

و هذا لا يكون إلا بالعودة الى المعنى الصافي الكتاب و السنة فعلينا أن ندرك جميعاً أن هذا التغيير وهذه العودة أشد ما تحتاج اليه هو عمارة المساجد وأعمالها التي كانت السبب الأهم في بناء الأمة .  

أ

أحكام تتعلق بالمسجد,

 آداب المسجد,

 فضائل المسجد,

 تفاسير

أحكام زيارة المسجد النبوي,

 الدور التربوي والاجتماعي