الدور التربوي والاجتماعي للمسجد

 

ثانياً : أسس الدعوة الإسلامية في المسجد وأساليبها

إن أول أسس الدعوة في الإسلام الإيمان بالله، ويعني هذا الأساس عقد الصلة الدائمة بين الداعي إلى الله وخالقه الذي بيده الأمر كله، واستحضار الله عز وجل في كل ما يقوم به الداعي من أفعال، وما يردده من أقوال. والصلة بالله عز وجل هي ملاك الأمر كله، فهي المبدأ والمنتهى في الدعوة الإسلامية. والتربية بالإسلام وبالدعوة إليه، تربية إيمانية شاملة كل الجوانب الشخصية الإنسانية الروحية والبدنية والنفسية والاجتماعية والعقلية.

وثاني أسس الدعوة في الإسلام العلم : { وليعلمَ الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبتَ له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم }.

والعلم هنا بمفهومه الشامل الذي يشمل كل ما خلق الله فيشمل العلم بالإنسان وبالكون بما فيه من ظواهر مختلفة، وقد ربط الله عز وجل العلم بالهدف الكبير من التربية الإسلامية وهو عبادة الله وخشيته : { إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ }. ومعلوم أن الإسلام حث الإنسان على استعمال عقله إلى أقصى ما يستطيع، وشبه الذين عطلوا عقولهم بأنهم : { كالأنعام بل هم أضل أولئك همُ الغافلون }.

الأساس الثالث للدعوة في الإسلام ربط القول بالفعل، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }. ويهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بالتطبيق العلمي للمبادئ، ولذا يرتبط الإيمان في كثير من الآيات القرآنية بالعمل الصالح، قال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ كانت لهم جناتُ الفردوس نزلاً }.

ويهتم الإسلام بتربية الاتجاهات الخيرة في الإنسان ويعتبر العمل الصالح فتحاً جديداً في حياة الإنسان جديراً بأن يبدل الله سيئاته حسنات { إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً }.

الأساس الرابع للدعوة تنمية الأخلاق الربانية التي أتى بها الإسلام ودعا إليها الرسل والأنبياء السابقون، وقد بين رسول الله  صلى الله عليه و سلم   أهمية هذا الأساس في الحديث الصحـيح : >إنما بعـثت لأتمم مكارم الأخلاق<. ومدحه خالقه سبحانه أدق مدح : { وإنك لعلى خلق عظيم }.

وقالت عنه أم المؤمنين عائشة : >كان خلقه القرآن< وقد دعانا الله عز وجل إلى التأسي برسوله  صلى الله عليه و سلم   : { لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة لمن كان يرجو الله واليومَ الآخِرَ وذكر الله كثيراً }.

أما الأساس الخامس للدعوة الإسلامية فهو الحرص على الفرد والجماعة، والإسلام يعترف باجتماعية الإنسان، وأن الله خلقه ليعيش في جماعة : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }. والله سبحانه هو { رب العالمين } و{ رب الناس } وأنزل القرآن، وأرسل محمداً { رحمة للعالمين }، لذا كان اهتمام الإسلام بالتربية الاجتماعية، وتنمية روح المبادأة في المسلم حتى لا تضيع المسؤولية والمصلحة الجماعية. ومجتمع المسلمين يزخر بكثير من المؤسسات الاجتماعية في قمتها المساجد التي تربي المسلم تربية روحية وخلقية وعلمية وبدنية، وشعائر العبادة العملية في الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج، ما هي إلا وسائل عملية يقوم بها المسلم بصفته عضواً في جماعة.

ويشمل الاهتمام بالمجتمع في الدعوة الإسلامية، أن يهتم الدعاة ببناء الاتجاهات الإيجابية في المجتمع والعادات الاجتماعية الحسنة التي تسعد الفرد، وتشد من تماسك الأسرة وتكافل المجتمع، ومن هذه الاتجاهات والعادات الاجتماعية، تنمية الأخوة الإيمانية، وحب الإنسانية والوحدة الاجتماعية، وتنمية القيم الأخلاقية الرفيعة كالشورى والمساواة والتعاون والتكافل الاجتماعي والإصلاح بين الناس والعدالة الاجتماعية.

هذه أهم أسس الدعوة الإسلامية التي تكوّن ما يمكن أن نسميه إطار الدعوة الإسلامية وفلسفتها، ومن الضروري بصورة مجملة أن نقف يسيراً عند ثقافة الداعية، وأهم العلوم التي يجب أن يلم بها، ويعتمد عليها في الدعوة، ثم بعض أساليب الدعوة وبخاصة أن هذين الجانبين من أضعف الجوانب في حقل الدعوة الإسلامية في العصر الحاضر.

أما عن ثقافة الداعية أو ما يمكن أن نسميه الاهتمام العلمي والثقافي للداعية ذلك الاهتمام الذي يعتمد على مبادأته الفردية باعتبار أن الداعية وصل إلى موقع الدعوة بعد إجازة دراسية رسمية من أحد المعاهد التعليمية بأنه يحمل المؤهلات الرسمية للدعوة إلى الله، ولا تكفي الشهادة الدراسية وحدها في هذا العصر مسوّغاً متوسط المدى أو بعيده للعمل في عصر تتضاعف فيه المعارف والمعلومات كل عشر سنوات، ومن ثم وجب على الداعية أن يكون واسع الأفق، مفتوح العقل والحواس لفهم كل جديد في هذا العصر وبخاصة الجديد الذي يؤثر مباشرة في أفكار الناس وأوضاعهم الثقافية والاجتماعية كالكمبيوتر والإنترنيت وغيرهما من مبتكرات العصر فضلاً عن الفلسفات والاتجاهات السياسية والاجتماعية التي تغزو الناس خفية وصراحة داخل الوسائل الإعلامية المتعددة مثل العلمانية والماسونية والصهيونية والأصولية المسيحية والأصولية اليهودية والبهائية والقاديانية وغيرها من المذاهب والفلسفات التي تعادي الإسلام، ولا تجد لنفسها هدفاً غير محاربته وتشكيك الباحثين عن النجاة في العالم كله في سلامة قصده وسمو رسالته، فعلى الداعية المسارعة إلى فهم ما يفرزه الغرب والصهيونية في بلاد المسلمين من المستحدثات، وما يشيعه من مذاهب ودعاوى تستنفر الصادقين من المسلمين ومن علمائهم، ليجلو مبادئ الإسلام وقيمه السامية بوضوح أمام الباحثين عن الحقيقة والنجاة.

ومن البَدَهِي أن عدة الدعوة الإسلامية هي القرآن الكريم والحديث الشريف وأن بعض الدعاة ليس على المستوى المطلوب في فهم القرآن الكريم والاستشهاد بآياته، كما أن بعضهم يعجز عن تبين الأحاديث الصحيحة والأحاديث الموضوعية.

فأما عن القرآن الكريم، فيجب على الداعية الذي يريد أن يعيش مع القرآن، ليستمد منه نوراً لعقله وزاداً لقلبه ورياً لروحه، ثم يمد الآخرين بعد ذلك من فيض ما اكتسبه من القرآن، أن يجمع الآيات القرآنية في الموضوع الواحد، ويصنفها ويقسمها ليبين الأهداف والمعالم التي يعرضها على الناس ويفيدهم منها، وعليه أن يهتم بالقصص القرآني، والقصص وسيلة من أهم وسائل التربية التي تغير الناس وتفجر فيهم طاقات نفسية دفينة أبرزها الإيمان، ولذا يجب على الداعية أن يهتم بالنماذج القرآنية في القصص التي تصور لنا الشخصية الإنسانية في أحوال ومجالات متعددة، كل منها إذا أحسن الداعية عرضه على المسلمين قادهم إلى الاطمئنان والاقتناع، ومن النماذج القرآنية نموذج الفتى الشاكر في شخصية النبي سليمان عليه السلام، فقد قال عندما سمع كلام النملة وفهم عنها { ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه }. كما قـال عـندما أحـضر له عرش بلقيس : { هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم } (الآية 40 والقصة مفصلة في سورة النمل : الآيات 16-44).

ومن النماذج القرآنية نموذج الحاكم أو الملك العادل الذي لم تُـلْهِهِ سَعَةُ ملكه عن عبادة ربه ورعاية شعبه في شخصية ذي القرنين الذي بلغ بفتوحه مطلع الشمس ومغربها، ولكنه ظل متمسكاً بالعدل، يكافئ المحسن، ويعاقب المسيء، ويقوّم المفسدين في الأرض، ويقيم التحصينات والسدود الضخمة مستعيناً بالله أولاً ثم بجهود الشعوب آخراً (الآيات في سورة الكهف 83-98).

وفي القرآن نماذج متعددة للمتعفف عن الحرام برغم قوته وجماله وقوة دواعي الإغراء من حوله، ونموذج الشاب الممتثل لأمر الله الذي يقدم عنقه قرباناً إلى الله، نموذج المؤمن الذي يكتم إيمانه لمنفعة، فإذا جاء وقت الحاجة برز بإيمانه يدافع عن الحق. إلى غير ذلك من النماذج البشرية التي حفل بها القرآن الكريم.

ومع القرآن الكريم يجب على الداعية أيضاً أن يحسن الاستدلال بالقرآن وآياته على ما يريد تقريره وتأكيده من أحكام وتعاليم، كما يجب عليه الحذر من سوء التأويل لآيات الكتاب وحملها على معان تخرجها عما أراد الله بها، وهذا نوع من التحريف ذم الله عليه أهل الكتاب.

وأسباب التحريف أو الانحراف كثيرة منها إخضاع النصوص للواقع الزمني، ثم تبين مذهب أو اتجاه اجتماعي أو سياسي واتخاذ النصوص بعد ذلك دليلاً له، وتجزئة النصوص وتفكيكها وعدم ربط بعضها ببعض، واتباع المتشابهات وترك المحكمات وهذا دأب الزائفين والمنحرفين عن نهج القرآن من قبل ومن بعد.

أما عن تفسير القرآن الكريم فمن أفضل ما ورد في ذلك عن كبار الفقهاء والدعاة أن يهتم الداعية بلب التفسير وأن يعرض عن الحشو والفضول والاستطراد الذي حفلت به بعض كتب التفسير، وأن يعرض عن الإسرائيليات التي دست في كتب التفسير، وكأن اليهودية بعد هزيمتها العسكرية من الإسلام أرادت أن تقاوم الإسلام بسلاح يعوضها عن هزيمتها العسكرية، فكان هذا الغزو الثقافي عن طريق إسرائيلياتها المنكرة في غفلة من الزمن، وقد غصت بها بعض كتب المسلمين.

وعلى الداعية أن يحذر من الروايات الموضوعة والضعيفة وقد حشى بها كثير من كتب التفسير، سواء فيها ما كان مرفوعاً إلى النبي  صلى الله عليه و سلم  ، وما كان مرفوعاً إلى بعض الصحابة مثل علي وابن عباس وغيرهما، وما كان منسوباً إلى بعض التابعين مثل مجاهد والحسن وعكرمة، وابن جبير وغيرهم، وما كان منسوباً إلى من بعدهم من تابعي التابعين، كما يجب على الداعية الحذر من الأقوال الضعيفة والآراء الفاسدة، وهي أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، وهذا ليس بمستغرب ما دامت صادرة من غير معصوم.

أما السنة النبوية، وهي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، وهي الشارحة للقرآن والمبينة له والمفصلة لما أجمل، فهي التفسير النظري والتطبيقي العملي لكتاب الـله. قال الـله تـعالى يـخاطب رسـوله : { وأنزلـنا إليـك الذكر لتـبين للـناس ما نزل إليهم }.

وتشمل السنة أقوال النبي  صلى الله عليه و سلم   وأفعاله وتقريراته وأوصافه وسيرته، فهي السجل الحافل لحياته وجهاده عليه الصلاة والسلام في سبيل دعوته، ولا يستغني داعية يريد أن يدرس ويفهم الإسلام ويحاضر أو يخطب، عن الرجوع إليها والاعتماد عليها، وأول ما يجب على الداعية نحو السنة أن يهتم بسيرة الرسول  صلى الله عليه و سلم  ، وسيرة الرسول هي الإسلام مجسماً في حياة بشر والقرآن حياً يسعى على قدمين، ولما سئلت أم المؤمنين عائشة عن خلقه عليه الصلاة والسلام قالت : >كان خلقه القرآن< أي أنه، عليه الصلاة والسلام، كان النموذج الحي للفضائل والأخلاق التي دعا إليها القرآن.

وعلى الداعية أن يجمع الأحاديث في الموضوع الواحد ويصنفها ويقسمها على أجزاء الموضوع وعناصره، وأن يحذر من وضع الأحاديث في غير موضعها، وعليه أن يقاوم حملة التشكيك في الأحاديث الصحاح، وعلى الداعية أن يتجنب عرض الأحاديث المشكلة على جمهرة الناس لغير ضرورة تقتضيها، وعلى الداعية أيضاً أن يحذر من رواية الأحاديث الموضوعة والواهية، إلا مع التنبيه عليه وبيان أن الحديث موضوع ليحذر منه سامعه أو قارئه، قال النووي : >تحرم روايته مع العلم به في أي معنى كان سواء الأحكام والقصص والترغيب وغيرها إلا مقروناً ببيان وضعه<. وأسباب تسرب الأحاديث الموضوعة إلى الدعاة معروفة وعليهم علاج ذلك.

ومن الضروري للداعية أن يعرف أهم الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والآداب، وأن يرجع في ذلك إلى كتب الفقه، وعليه أن يحرص على ربط الأحكام بأدلتها من الكتاب والسنة، وهناك أدلة أخرى كالقياس والإجماع والاستصحاب والاستحسان وغيرها من أدلة ما لا نص فيه، وإذا كان الداعية ملتزماً بمذهب من المذاهب، فمن الضروري أن يتعرف أدلة مذهبه لكي يطمئن قلبه، ولا مانع من التعرف على أدلة المذاهب الأخرى في بعض المسائل التي يرى ضعف مذهبه فيها، لذا يحسن بالداعية أن يتعرف على المذاهب الأخرى وبخاصة التي يتبعها بعض من يدعوهم في المسجد أو الإقليم الذي يدعو الناس فيه.

وعلى الداعية أن يحذر المبالغة في تعليل العبادات بأمور دنيوية، لأن العبادات مرادة لذاتها، فالغاية من خلق الإنسان هي العبادة كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }.

أما عن السبل والأساليب التي يعتمد عليها الداعية فمنها التربية بالحوار القرآني والنبوي ومن أهم أشكاله الحوار الخطابي أ والتعبيري، والحوار الخطابي منه ما هو موجه للذين آمنوا، ومنه الحوار الخطابي التذكيري والحوار الخطابي التشبيهي، ومنه الحوار الخطابي العاطفي، وللحوار دور كبير في تربية العواطف المؤمنة، ومن أهم أساليب الدعاة الحوار القصصي، وهو لا يأتي في صورة القصة أو المسرحية التي نعرفها اليوم، وإنما يأتي الحوار كجزء من أسلوب القصة أو عناصرها في القرآن، وقد يغلب الحوار على الأخبار في القصة، كما في قصة شعيب مع قومه في سورة هود، فالآيات العشر الأولى من هذه القصة كلها حوار، ثم يختم الله القصة بآيتين يبين فيهما عاقبة قوم شعيب (سورة هود، الآيات 84-95).

وإلى جانب الحوار في القرآن الكريم هناك حوار في السنة الشريفة منه حوار عاطفي كما حدث بين الرسول  صلى الله عليه و سلم   حين أعطى من غنائم قوم هوازن وسباياها قريش ولم يعط الأنصار، فعتب الأنصار لذلك على رسول الله  صلى الله عليه و سلم   وكثرت منهم القالة، فأمر سعد بن عبادة فجمعهم، فأتاهم الرسول  صلى الله عليه و سلم   فحمد الله ثم قال : يا معشر الأنصار ... إلخ فبكى القوم حتى أخْضَـلوا لحاهم.

وهناك الحوار النبوي الإقناعي كما حدث مع الرجل الذي أراد أن يدخل في الإسلام على أن يباح له الزنا، وما زال الرسول بالرجل حتى اقتنع بحرمة الزنا ودخل في الإسلام.

ومن وسائل الدعوة القصص، ومن أهداف القصص القرآني بيان قدرة الله تعالى بياناً يثير انفعالات الدهشة والخوف من الله تعالى لتربية عاطفة الانقياد والخشوع لله تعالى. ومن أمثلة القصص قصة الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه، وقصة خلق آدم، وقصة إبراهيم والطير الذي آب إليه بعد أن جعل على كل جبل جزءاً منه (سورة البقرة، الآية 260).

وإلى جانب القصص القرآني يوجد القصص النبوي، ويكشف القصص النبوي عن أهمية إخلاص العمل الصالح والتوسل به إلى الله تعالى للخروج من ضائقة وتفريج أزمة، وهذا واضح في قصة الثلاثة في الغار الذين انحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار إلى آخر القصة.

ومن الوسائل التربوية للداعية ضرب الأمثال والقدوة والتربية بالعظة والعبرة، ويحفل القرآن الكريم بالأمثلة الواضحة لهذه الوسائل التربوية.

ومن الواضح أن الداعية لا يلتزم وسيلة واحدة في كل المواقف، وإنما تتغير الوسيلة بتغير الموضوع أو الموقف، وقد يستخدم أكثر من وسيلة في خطبة الجمعة مثلاً.

وفي دعوة الأميين يلجأ الدعاة غالباً إلى القصص والأخبار العاطفية المثيرة التي تثير الشجن وتحرك كوامن النفس، ويبدو المتلقي غارقاً في مشاعر دافئة يسيطر عليها الإعجاب الشديد بالداعية والاقتناع بما يقول بل والتعصب الشديد له.

أما عندما يخاطب الداعية المثقفين فإن طريقه إلى إقناعهم بما يعرضه عليهم يفرض عليه الاعتماد على الأدلة والبراهين والتحليلات السليمة لما يعرضه عليهم.