الدور التربوي والاجتماعي للمسجد

 

ز) المسجد دار علاج وتطبيب :

لقد اتخذ النبي  صلى الله عليه و سلم   من المسجد مكاناً لعلاج المرضى، ففي غزوة الخندق لما أصيب سعد بن معاذ ضرب النبي ـ عليه السلام ـ له خيمة في المسجد يعالج فيها، وقام بتمريضه أهل الخبرة في هذا المجال، وهي رفيدة الأسلمية.

وفي الحديث عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قال : >أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة، في الأكحل ـ عرق في اليد ـ فضرب عليه رسول الله  صلى الله عليه و سلم   خيمة في المسجد ليعوده من قريب<(1).

ويدل هذا الأمر على أن المسجد لا يشكل عبئاً على المجتمع، وإنما يتفاعل معه بما يخدمه ويرقى به. ولما كان المريض في أشد الحاجة إلى ما يطمئن فؤاده، ويغرس فيه ضرورة الرضا بالقدر، والصبر على البلاء ويحقق صلته بالله مما يخفف عنه الألم ويذهب السقم. كل ذلك يؤكد على ضرورة أن يوجد مسجد بكل مستشفى يعين المرضى على أداء فريضة الصلاة، ويدعم الجانب الروحي فيهم(2)، فلقد ورد في الحديث الشريف : >ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه<(3).

ويتبين من هذا الأمر أيضاً مشاركة المرأة لجوانب العمل الاجتماعي دون خدش لحيائها أو تفريط في دينها. قال ابن إسحاق : >وكان رسول الله  صلى الله عليه و سلم   قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأةٍ من أسلم، يقال لها رفيدة، في مسجده كانت تداوي الجرحى، وتحتسب نفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله  صلى الله عليه و سلم   قد قال لقومه حين أصابه السهم في الخندق : >اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب<(4). فالمرأة رائدة اجتماعية في ظل الإسلام شاركت في التعليم والتطبيب والحرب، ولم نسمع بأن النساء الفضليات في كثير من المجالات قدمن السفور أو التحلل ثمناً لمنصب أو لمظهر اجتماعي، كما نرى البعض اليوم تحت شعار حرية المرأة، أقول إن المرأة ما وجدت حريتها ولا كرامتها إلا في الإسلام.