الدور التربوي والاجتماعي للمسجد

 

ي) الرسالة العسكرية للمسجد :

حين هاجر النبي  صلى الله عليه و سلم   شرع في بناء المسجد، وعمل مع أصحابه في تشييده، فكان هذا المسجد هو الثكنة العسكرية الأولى في الإسلام. فكان النبي يحشد أصحابه في المسجد ويحرضهم على الثبات في القتال.

وتنطلق الغزوات والسرايات من المسجد، ويجتمع الصحابة في المسجد حين يداهمهم خطر. كما أن المنتصرين في الغزوات والسرايا يعودون إلى المسجد، وتضمد جروح المصابين في المسجد(1). وكان المسجد أحياناً ساحة للتدريب العسكري، فقد روت عائشة أم المؤمنين أن الأحباش كانوا يتدربون في ساحات المسجد، وكان رسول الله  صلى الله عليه و سلم   يساعد عائشة على أن تراهم من حيث لا تواجههم.

كما أن المسجد ربَّى القادة الذين حفظ لهم التاريخ أمجادهم مثل قاضي القضاة "أسد بن الفرات" فاتح صقلية، و"صلاح الدين الأيوبي" الذي استعاد القدس من الصليبيين، و"قطز" قاهر التتار، و"محمد الفاتح" فاتح القسطنطينية.

فكل القادة الذين نجحوا في صد المعتدين أو أضافوا فتحاً جديداً على الفتوحات الإسلامية، كانوا ملتزمين بتعاليم الإسلام، وكانوا قدوة لجنودهم في التدين والاستقامة والعمل الصالح.

ولعل في صلاة الجماعة تدريباً عملياً على الضبط والنظام، فلها أهمية بالغة في إيقاظ روح النظام في نفوس المسلمين، فلقد كان المسجد في نشأته المسجد أول ميدان حقيقي للتدريب العسكري عند المسلمين، فما أحرانا أن نعود إلى المسجد لنجعل منه مكاناً لرفع المعنويات والسمو الروحي، لا بجعله ميداناً للتدريب، فإن لهذا مجاله المعروف في هذا العصر، وإنما لإحياء الرسالة الاجتماعية في إطار الضوابط واحترام ما يَتَوَاضَعُ عليه المجتمع.