الدور التربوي والاجتماعي للمسجد

 

ك) المسجد مكان لاستقبال الوفود والسفراء :

عرف المسجد أنه من أنسب الأماكن لاستقبال الوافدين من أبناء الإسلام وأهل الكتاب من أي مكان وفي أي وقت.

ولقد استقبل النبي  صلى الله عليه و سلم   العديد من الوفود في المسجد ومن بينها وفد عبد قيس، وكان من خبرهم أن الرسول  صلى الله عليه و سلم   كان جالساً بين أصحابه يوماً، فقال لهم : >سيطلع عليكم من هنا ركب هم خير أهل المشرق لم يكرهوا على الإسلام، قد أنضوا الركائب، وأفنوا الزاد، اللهم اغفر لعبد قيس< وتمت مقابلتهم بالنبي  صلى الله عليه و سلم  .

ومن الوفود التي قابلها النبي، عليه السلام، وفد سعد بن هذيم. قال النعمان عنهم : قدمت على رسول الله  صلى الله عليه و سلم   وافداً في نفر من قومي، وقد أوطأ رسول الله البلاد وأزاح العرب، والناس صنفان إما داخل في الإسلام راغب فيه، وإما خائف السيف، فنزلنا ناحية من المدينة، ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه، فوجدنا رسول الله  صلى الله عليه و سلم   يصلي على جنازة في المسجد، فقمنا خلفه ناصية، ولم ندخل مع الناس في صلاتهم، وقلنا : حتى يصلي رسول الله ونبايعه، ثم انصرف رسول الله  صلى الله عليه و سلم   فنظر إليـنا فدعا بـنا، فـقال : فمن أنتم ؟ فقـلنا : من بني سعد بن هذيم، فقال : أمسلمون أنتم ؟ فقلنا : نعم، فقال : هلا صليتم على أخيكم ؟ قلنا : يا رسول الله ظننا أن ذلك لا يجوز حتى نبايعك، فقال عليه السلام : أينما أسلمتم فأنتم مسلمون. فأسلمنا وبايعنا رسول الله بأيدينا.

وكان عليه السلام يقابل هذه الوفود في المسجد بما جبله الله عليه من البشاشة وكرم الأخلاق، ويجيزهم بما يرضيهم ويعلمهم الإيمان والشرائع ليعلموا من وراءهم. وكانت هذه الوفود أعظم صلة لإظهار الدين بين الأعراب في البوادي(1).