صيدا في عهد الأتراك, صيدا في عهد الانتداب, صيدا في عهد الاستقلال, صيدا والاحتلال الاسرائيلي, وضع صيدا أثناء الاحتلال وبعده.

صيدا في عهد الاستقلال:

يحتفل لبنان حكومة وشعباً بذكرى الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام.

وإن لهذا اليوم التاريخي الذي تقرر اعتباره عيداً وطنياً، حكاية مشوقة ومفيدة، ولشعب صيدا مواقف وطنية رائعة، وتضحيات غالية، وقوافل من الشهداء قدّمها رافضاً الذل والاستعمار والظلم والتسلط.

وأنه إزاء سياسة الانتداب الفرنسي التي امتازت بكبت الحريات، ونشر الإرهاب، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والفئوية، والتنكيل بالوطنيين الأحرار، وتخصيص فئة معينة من اللبنانيين بامتيازات من دون بقية الفئات، ثار الشعب المغلوب على أمره، مطالباً برفع الغبن والحرمان، وإعلان الاستقلال.

ففي الثامن من حزيران/يونيو 1941 عبرت جيوش فرنسا «الحرة» تساندها الجيوش البريطانية، الحدود السورية تجاه القنطرة، والحدود اللبنانية تجاه مرجعيون تنفيذاً لخطة مرسومة أطلق عليها اسم (أكسبورز). وألقت الطائرات المناشير على الشعبين السوري واللبناني، وضمنها رسالة من الجنرال كاترو المفوض السامي لفرنسا «الحرة» في لبنان وسورية، المعيَّن من قبل الجنرال ديغول.

ومما جاء فيها: أيها السوريون واللبنانيون الأكارم، إني قادم إليكم لإنهاء عهد الانتداب، ولأعلن حريتكم واستقلالكم، وبناءً على ذلك ستصبحون من الآن شعباً حراً ذا سيادة، وستتمكنون من أن تؤلفوا لأنفسكم دولاً منفردة أو أن تتحدوا في دولة واحدة، وفي أي الحالتين سنضمن استقلالكم، ونكفل سيادتكم، لقد أزفت ساعة عظمى من تاريخكم وأن فرنسا تعلن استقلالكم.

وعام 1942م اشتدت أزمة الانتداب الفرنسي واستمرت مع مطلع عام 1943م.

وفي الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 1943م، أصدر مجلس الوزراء بياناً يعتبر فيه أن تعديل الدستور من حقوق السلطة الدستورية للبنان، وقدم مشروع تعديل الدستور.

وفي صبحية 11/11/1943م استيقظ الشعب اللبناني على القرارات التعسفية التي كان من نتائجها إدخال رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح والوزراء كميل شمعون، وعادل عسيران، وعبد الحميد كرامي، وحبيب أبو شهلا إلى السجن في قلعة راشيا.

فثار الشعب اللبناني، وعمت المظاهرات الصاخبة أكثر بقاع الوطن ومدنه، ودامت أياماً، وكان لصيدا في بناء هذا الاستقلال دور فاعل، فمنذ فرض الانتداب الفرنسي وقف الشعب الصيداوي بوجه الفرنسيين، رافضاً الانتداب والوصاية، ومطالباً بالحرية والاستقلال، وقدم أغلى ما لديه في سبيل الحرية والعزة والكرامة والتخلص من الاستعمار بأي شكل أو اسم أطلق عليه.

وكان المغفور له رياض الصلح، ابن صيدا البار، المعروف بحكمته وحنكته ودهائه وعبقريته، أحد كبار قادة الاستقلال ومؤسسيه، وكان له اليد الطولى في قيادة مسيرة الاستقلال حتى النصر.

ولا بد من استعراض موقف صيدا الوطني الرائع، والسياسي الحكيم، إبان أحداث عام 1958م، حيث استطاع الشهيد معروف سعد بالتعاون مع القيادات الروحية والسياسية والفعاليات والشباب الوطني الواعي، من إجهاض ما كان يخطط له أعداء هذا الوطن والمأجورون من إثارة الفتنة الطائفية والقضاء على التعايش الوطني المشترك الذي كان ولا يزال رمز هذه المدينة واعتزاز أهلها.

كما وقفت صيدا في أثناء أحداث عام 1975م بوجه السياسات الهادفة إلى القطيعة بين أبناء هذا الوطن وتقسيمه، موقفاً حاسماً وحكيماً ومشرفاً، رغم حادثة اغتيال معروف سعد غدراً وعدواناً بقصد إثارة الفتنة والتفرقة.