الإيمان باليوم الآخر

 

اليوم الآخر:  هو يوم القيامة الذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاء ؛ وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده ؛ حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم ، وأهل النار في منازلهم.

ومعنى الإيمان باليوم الآخر:  التصديق الجازم بإتيانه ، والعمل بموجب ذلك.

والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:

1- الإيمان بالبعث : وهو إحياء الموتى ؛ حيث ينفخ في الصور ، وهو قرن ينفخ فيه الملك الموكل بذلك ، ويقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غُرْلاً أي غير مختونين.

وهذا البعث مقتضى الحكمة ؛ حيث تقتضي أن يجعل الله لهذه الخليقة معاداً يجازيهم به على ما كلفهم به على ألسنة رسله.

2- الإيمان بالجزاء والحساب : فيحاسب العبد على عمله ، ويجازى عليه ؛ فمن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون .

والجزاء والحساب مقتضى الحكمة ؛ فإن الله أنزل الكتب ، وأرسل الرسل ، وفرض على العباد قبول ما جاء به الرسل ، والعمل بما يجب العمل به .

فلو لم يكن هناك حساب ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي ينزه الله عنه.

ثم إن العباد منهم البر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، فهل يليق بحكمة الله أن يكون هؤلاء سواء؟

الجواب ، لا ، قال - تعالى - : { أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون } .

3- الإيمان بالجنة والنار: وأنها المآل الأبدي للخلق ؛ فالجنة هي دار النعيم التي أعدها الله للمؤمنين المتقين الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به ، وقاموا بطاعة الله ورسله ، مخلصين لله ، متبعين لرسوله .

وفي الجنة من أنواع النعيم ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

والناس في الجنة تتفاوت درجاتهم بحسب أعمالهم الصالحة .

وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها الله للكافرين الظالمين الذين كفروا به ، وعصوا رسله .

وفيها من أنواع النكال والعذاب ما لا يخطر على البال .

والنار دركات ، وأهلها يتفاوتون في العذاب بحسب أعمالهم السيئة .

ومما يلتحق بالإيمان باليوم الآخر الإيمان بأشراط الساعة ، وما في القيامة من الأهوال.

ويلتحق فيه - أيضا - الإيمان بكل ما يكون بعد الموت من :

أ- فتنة القبر : وهي سؤال الميت بعد دفنه ؛ حيث تعاد له الروح ؛ فيسأل عن ربه ، ودينه ، ونبيه ؛ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، فيقول المؤمن : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد .

ويضل الله الظالمين ، فيقول الكافر : هاه ، هاه ، لا أدري ، ويقول المنافق أو المرتاب : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.

ب- عذاب القبر ونعيمه : فأما عذاب القبر فيكون للظالمين من المنافقين ، و الكافرين حيث يأتيهم من حر جهنم وعذابها  ما يسوؤهم ، ويضيق عليهم قبورهم.

وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين ، حيث يفتح لهم باب من أبواب الجنة ، وتوسع عليهم قبورهم ، ويأتيهم من نعيم الجنة ما تقر به عيونهم.

ثمرات الإيمان باليوم الآخر

1- الرغبة في فعل الطاعات ، والحرص عليها ؛ رجاء لثواب ذلك اليوم.

2- الرهبة من فعل المعاصي ، والحذر من الرضى بها ؛ خوفا من عقاب ذلك اليوم.

3- تسلية المؤمن عما يفوته في الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها .

4- الصبر على الأذى ، والمصائبِ ، واحتسابُ الأجر.

إنكار البعث بعد الموت والرد على هذا الزعم

 

أنكر الكافرون البعث بعد الموت زاعمين أن ذلك غير ممكن.

وهذا الزعم باطل من وجوه عديدة منها :

أ- الشرع : قال الله -تعالى - : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على الله يسير }

ب- أن الله هو الذي بدأ الخلق ، والذي بدأه لا يعجزه إعادته .

جـ- الحس : فقد أرى الله عباده إحياء الموتى في هذه الدنيا ، ومن ذلك أن قوم موسى  - عليه السلام - حين قالوا : {لن نؤمن حتى نرى الله جهرة } أماتهم الله ، ثم أحياهم.

وفي قصة القتيل الذي اختصم فيه بنوا إسرائيل زمن موسى - عليه السلام - فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ، ويضربوه ببعضها ؛ ليخبرهم بمن قتله ، ففعلوا ذلك فأحياه الله ، وأخبر بمن قتله ، ثم مات ، وكذلك قصة الذين خرجوا من ديارهم وهو ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم.

وكذلك ما أعطاه الله عيسى - عليه السلام - من القدرة على إحياء الموتى بإذن الله.

والأدلة على ذلك كثيرة جدا.

 إنكار عذاب القبر ونعيمه والرد على هذا الزعم

 ينكر بعض الناس عذاب القبر ونعيمه ؛ بحجة أنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان ، والقبر لم يتغير بسعة ، ولا ضيق.

وهذا الزعم باطل من وجوه عديدة منها :

أ- الشرع ؛ فأدلة الكتاب والسنة بينت وقوع عذاب القبر ونعيمه ، ولا تجوز معارضة هذه الأدلة بالرد والتكذيب .

ب- الحس : ومن الأدلة الحسية التي تقرب المعنى ، وتدل على عذاب القبر أن النوم أخو الموت ، والنائم يرى في منامه أنه بمكان فسيح ينعم به ، أو يرى أنه في مكان موحش يتألم منه .

وربما يستيقظ أحيانا مما رأى ، وهو مع ذلك على فراشه وفي حجرته على ما هو عليه .

ثم إن أحوال البرزخ في القبر لا يدركها الحس ، ولو كانت تدرك بالحس لفاتت فائدة الإيمان بالغيب ، ولتساوى المؤمن بالغيب ، والجاحد في التصديق به .

ثم إن نعيم القبر وعذابه إنما يدركه الميت دون غيره ، كما يرى النائم أنه في مكان موحش أو في مكان فسيح ، وهو بالنسبة لغيره لم  تتغير حاله ، فهو يراه في منامه وبين فراشه وغطائه.

ثم إن إدراك الخلق محدود بما مكنهم الله من إدراكه ، ولا يمكن أن يدركوا كل شيء ؛ فكما أن أبصارهم وأسماعهم لها حد تقف عنده فكذلك عقولهم ومداركهم لها حد تقف عنده.

ومما ينبغي أن يعلم في هذه المسألة أن عذاب القبر ونعيمه لا يختص بمن مات ووضع في القبر ، بل يشمل كل من مات ، سواء وضع في قبره ، أو كان في ثلاجة الموتى ، أو كان في بطن سبع ، أو كان في صحراء لم يدفن فيها.

وإنما قيل عذاب القبر ؛ لأن العادة جرت بدفن الموتى.