الإيمان بالقدر

القدر: هو تقدير الله للكائنات حسب ما سبق به علمه ، واقتضته حكمته.

وهو علم الله بالأشياء ، وكتابته ومشيئته وخلقه لها.

و معنى الإيمان بالقدر أن يؤمن الإنسان بأن الله يعلم ما يكون وما كان ، وما سيكون ، وأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأه لا يكون ، وأن الله كتب مقادير الخلائق فلا يقع شيء إلا بعلمه ، وكتابته ، ومشيئته وخلقه.

ويؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

ويؤمن - مع ذلك - بأن الله قد أمر بطاعته ، ونهى عن معصيته ، فيفعل الطاعة ؛ رجاء ثواب الله ، ويترك المعصية ؛ خوفا من عقلبه ؛ فإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله.

ومن تمام الإيمان بالقدر أن يأخذ الإنسان بالأسباب ، ويسعى في مصالحه الدنيوية ، ويسلك الطرق الصحيحة الموصلة إليها ، فيضرب في الأرض ، ويسعى لطلب الرزق ؛ فإن أتت الأمور على ما يريد حمد الله ، وإن أتت على خلاف ما يريد تعزى بقدر الله.

والإيمان بالقدر على هذا النحو ، يثمر سكون القلب ، وطمأنينة النفس ، وراحة البال ، وترك التحسر على ما فات ، ويورث في الإنسان الشجاعة ، والإقدام ، وطرد اليأس ، وقوة الاحتمال.

ولهذا يجد المؤمنون بالقضاء والقدر راحة ، وطمأنينة لا يجدها غيرهم ممن لا يؤمنون بقضاء الله وقدره.

ولهذا يشيع الانتحار في البلاد الكافرة التي لا يؤمن أهلها بالله وقدره ؛ فتراهم لا يحتملون أدنى مصيبة تنزل بهم.

أما المؤمنون بالقدر فلا تكاد توجد عندهم أدنى نسبة للانتحار ؛ بسبب أنهم يؤمنون بأن ما أصابهم إنما هو بقضاء الله وقدره ، ويؤمنون بأن الله لا يقدر لعبده المؤمن إلا الخير ، حتى وإن كان القضاء مراً فإن عاقبته حميدة للمؤمن إن رضي بقدر الله.