من خصائص دين الإسلام

24- الإسلام يحفظ الأنفس : ولهذا حرم قتل النفس بغير الحق ، وعاقب قاتل النفس بغير الحق بأن يقتل.

ولأجل ذلك يقل القتل في بلاد المسلمين التي تطبق شرع الله ؛ فإذا علم الإنسان أنه إذا قتل شخصاً سيقتل به كف عن القتل ، وارتاح الناس من شر المقاتلات.

25-الإسلام يحفظ الصحة: فالإشارات إلى هذا المعنى كثيرة جدا سواء في القرآن أو السنة النبوية.

قال تعالى:((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلآ تُسْرِفُوا))

قال العلماء: إن هذه الآية جمعت الطب كله؛ ذلك أن الاعتدال في الأكل والشرب من أعظم أسباب حفظ الصحة.

ومن الإشارات لحفظ الصحة أن الإسلام حرم الخمر، ولا يخفى ما في الخمر من أضرار صحية كثيرة، فهي تضعف القلب، وتغري الكلى، وتمزق الكبد إلى غير ذلك من أضرارها المتنوعة.

ومن ذلك أن الإسلام حرّم الفواحش من زنًا ولواط، ولا يخفى ما فيهما من الأضرار الكثيرة ومنها الأضرار الصحية التي عرفت أكثر ما عُرِفَت في هذا العصر من زهري، وسيلان، وهربس، وإيدز ونحوها.

ومن حفظ الإسلام للصحة أنه حرّم لحم الخنزير، الذي عرف الآن أنه يولّد في الجسم أدواءً كثيرة ، ومن أخصِّها الدورة الوحيدة، والشعرة الحلزونية، وعملهما في الإنسان شديد، وكثيراً ما يكونان السبب في موته.

ومن الإشارات في هذا الصدد ما عرف من أسرار الوضوء، وأنه يمنع من أمراض الأسنان، والأنف، بل هو من أهم الموانع للسل الرئوي ؛ إذ قال بعض الأطباء: إن أهم طريق لهذا المرض الفتاك هو الأنف، وإن أنوفاً تغسل خمس عشرة مرة لجديرة بأن لآ تبقى فيها جراثيم هذا الداء الوبيل، ولذا كان هذا المرض في المسلمين قليلاً وفي الإفرنج كثيراً.

والسبب أن المسلمين يتوضؤون للصلاة خمس مرات في اليوم، وفي كل وضوء يغسل المسلم أنفه مرة أو مرتين أو ثلاثاً.

26-يتفق مع الحقائق العلمية: ولهذا لا يمكن أن تتعارض الحقائق العلمية الصحيحة مع النصوص الشرعية الصحيحة الصريحة.

وإذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لآ حقيقة لها، وإما أن يكون النص غير صريح في معارضته ؛ لأن النص وحقائق العلم كلاهما قطعي، ولا يمكن تعارض القطعيَّين.

ولقد قرر هذه القاعدة كثير من علماء المسلمين، بل لقد قررها كثير من الكتاب الغربيين المنصفين، ومنهم الكاتب الفرنسي المشهور (موريس بوكاي) في كتابه: (التوراة والإنجيل والقرآن) حيث بين في هذا الكتاب أن التوراة المحرفة، والإنجيل المحرف الموجودين اليوم يتعارضان مع الحقائق العلكية، في الوقت الذي سجل فيه هذا الكتاب شهادات تفوق للقرآن الكريم سبق بها القرآنً العلمَ الحديثَ.

وأثبت الكاتب من خلال ذلك أن القرآن لايتعارض أبدا مع الحقائق العلمية، بل إنه يتفق معها تمام الاتفاق.

ولقد تظافرت البراهين الحسية، والعلمية، والتجريبية على صدق ما جاء به الإسلام حتى في أشد المسائل بعدا عن المحسوس، وأعظمها إنكاراً في العصور السابقة.

خذ على سبيل قول النبي  ـ صلى الله عليه وسلم ـ :((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أُولاهنَّ بالتراب)).

ولقد جاء الطب باكتشافاته ومكبراته فأثبت أن في لعاب الكلب مكروباتٍ وأمراضاً فتاكة لا يزيلها الماء وحده، وأظهرت البحوث العلمية الحديثة أنه يحصل من إنقاء التراب لهذه النجاسة ما لا يحصل بغيره.

وجاء-أيضاً- أن شرب الكلب في الإناء يسبب أمراضاً خطيرة، فالكلب كثيراً ما تكون فيه ديدان مختلفة الأنواع، ومنها دودة شريطية صغيرة جدّا، فإذا شرب في إناء، أو لمس إنسانٌ جسد الكلب بيده أو بلباسه انتقلت بويضات هذه الديدان إليه، ووصلت إلى معدته في أكله، أو شربه، فتثقب جدرانها، وتصل إلى أوعية الدم، وتصل إلى الأعضاء الرئيسة، فتصيب الكبد، وتصيب المخ، فينشأ عنه صداع شديد، وقيءٌ متوالِ، وفقد للشعور، وتشنجات، وشلل في بعض الأعضاء، وتصيب القلب، فربما مزقته، فيموت الشخص في الحال.

ثم إن العلوم الطبيعية تؤيد الإسلام، وتؤكد صحته على غير علم من ذويها.

مثال ذلك تلقيح الأشجار الذي لم يكتشف إلا منذ عهد قريب، وقد نص عليه القرآن الذي أنزل على النبي الأمي منذ أربعة  عشر قرناً في قوله-تعالى- :((وَأَرْسَلْنَا الرِّياَحَ لَوَاقِحَ)) وكذلك قوله تعالى- :((وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ))، وقوله:((وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)) وقوله:((سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا)).

فهذا كلام رب العالمين في القرآن قبل أن تبين لنا العلوم الطبيعية أن في كل نبات ذكراً وأنثى.

ولقد اعتنق بعض الأوربيين الإسلام لما وجد وصف القرآن للبحر وصفاً شافياً مع كون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يركب البحر طول عمره، وذلك مثل قوله ـ تعالى ـ :((أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَاهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا)).

27- الإسلام يكفل الحريات ويضبطها : فحرية التفكير في الإسلام مكفولة ، وقد منح الله الإنسان الحواس من السمع ، والبصر ، والفؤاد ، ليفكر ، ويعقل ، ويصل إلى الحق ، وهو مأمور بالتفكير الجاد السليم ، ومسؤول عن إهمال حواسه وتعطيلها ، كما أنه مسؤول عن استخدامها فيما يضر.

والإنسان في الإسلام حر في بيعه ، وشرائه ، وتجارته ، وتنقلاته ، ونحو ذلك ما لم يتعد حدود الله في غش ، أو خداع ، أو إفساد.

والإنسان في الإسلام حر في الاستمتاع بطيبات الحياة الدنيا من مأكول ، أو مشروب ، أو مشموم ، أو ملبوس ما لم يرتكب محرماً يعود عليه ، أو على غيره بالضرر.

ثم إن الإسلام يضبط الحريات ؛ فلا يجعلها مطلقة سائمة في مراتع البغي والتعدي على  حريات الآخرين ؛ فالشهوة على سبيل المثال لو أطلقت لاندفع الإنسان وراء شهواته ، التي تكون سبباً في هلاكه ؛ لأن طاقته محدودة ، فإذا استنفذت في اللهو والعبث والمجون - لم يبق فيها ما يدفعها إلى الطريق الجاد ، ويدلها على مسالك الخير ؛ فليس من الحرية - إذاً - أن يسترسل في شهواته وملذاته غير مبال بحلال أو حرام ، وغير ناظر في العواقب.

إن نهايته ستكون وخيمة في العاجل قبل الآجل ؛ إن ثرواته ستتبدد ، وإن قواه ستنهار ، و إن صحته ستزول ، وبالتالي سيكون تعيساً محسوراً.

ثم هب أن الإنسان أطلق لشهواته العنان هل سيجد الراحة والطمأنينة؟

الجواب : لا ؛ وإذا أردت الدليل على ذلك فانظر إلى عالمنا المعاصر بحضارته المادية ، لما أطلق حرية العبث والمجون ، ولم يحسن استخدامها - حدثت القلاقل ، والمصائب ، والأمراض الجسدية والنفسية ، وشاع القتل ، والنهب ، والسلب ، والانتحار ، والقلق ، وأمراض الشذوذ.

وليست الحرية - أيضاً - بالسير وراء الأطماع التي لا تقف عند حد ، دونما مبالاة في آثارها على الآخرين ؛ فهل يعد من الحرية ما يقوم به الأقوياء من سطو على الضعفاء ، واستخفاف بحقوقهم ، ومصادرة لآرائهم كما هي حال الدول الكبرى في عالمنا المعاصر؟

الجواب : لا ؛ فالحرية الحقة - هي ما جاء به الإسلام ، وهي الحرية المنضبطة التي تحكم تصرفات الإنسان ، والتي يكون فيها الإنسان عبداً لربه وخالقه ؛ فذلك سر الحرية الأعظم ؛ فالإنسان إذا تعلق بربه خوفاً ، وطمعاً ، وحباً ، ورجاءً ، وذلاً ، وخضوعاً - تحرر من جميع المخلوقين ؛ ولم يعد يخاف أحداً غير ربه ، ولا يرجو سواه ، وذلك عين فلاحه وعزته.

وبالجملة فالإسلام دين الكمال والرفعة ، ودين الهداية والسمو.

وإذا رأينا من بعض المنتمين إليه وهناً في العزم ، أو بعداً عن الهدى - فالتبعة تعود على أولئك ، لا على الدين ؛ فالدين براء ، والتبعة تقع على من جهل الإسلام ، أو نبذ هدايته وراء ظهره.