مكانة المرأة في الاسلام

 10- أن في الزواج من ثانية راحة للأولى : فالزوجة الأولى ترتاح قليلا من أعباء الزوج ؛ إذ يوجد من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزوج.

ولهذا فإن بعض العاقلات إذا كبرت في السن وعجزت عن القيام بحق الزوج أشارت عليه بالتعدد.

11- التماس الأجر : فقد يتزوج الإنسان بامرأة مسكينة لا عائل لها ، ولا راعٍ ، فيتزوجها بِنِيَّة إعفافها ، ورعايتها ، فينال الأجر من الله بذلك.

12- أن الذي أباح التعدد هو الله - عز وجل - : فهو أعلم بمصالح عباده ، وأرحم بهم من أنفسهم.

وهكذا يتبين لنا حكمة الإسلام ، وشمول نظرته في إباحة التعدد ، ويتبين لنا جهل من يطعنون في تشريعاته.

ومن إكرام الإسلام للمرأة أن جعل لها نصيباً من الميراث ؛ فللأم نصيب معين ، و للزوجة نصيب معين ، وللبنت وللأخت ونحوها ما هو مفصل في موضعه.

ومن تمام العدل أن جعل الإسلام للمرأة من الميراث نصف ما للرجل ، وقد يظن بعض الجهلة أن هذا من الظلم ؛ فيقولون : كيف يكون للرجل مثل حظ الأنثيين من الميراث ؟ ولماذا يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ؟

والجواب أن يقال : إن الذي شرع هذا هو الله الحكيم العليم بمصالح عباده.

ثم أي ظلم في هذا ؟ إن نظام الإسلام نظام متكامل مترابط ؛ فليس من العدل أن يؤخذ نظام ، أو تشريع ، ثم ينظر إليه من زاوية واحدة دون ربطه بغيره.

بل ينظر إليه من جميع جوانبه ؛ فتتضح الصورة ، ويستقيم الحكم.

ومما يتبين به عدل الإسلام في هذه المسألة - أن الإسلام جعل نفقة الزوجة واجبة على الزوج ، وجعل مهر الزوجة واجب على الزوج - أيضاً - .

ولنفرض أن رجلاً مات ، وخلف ابناً ، و بنتاً ، وكان للابن ضعف نصيب أخته ، ثم أخذ كل منهما نصيبه ، ثم تزوج كل منهما ؛ فالإبن إذا تزوج فإنه مطالب بالمهر ، والسكن ، والنفقة على زوجته وأولاده طيلة حياته.

أما أخته فسوف تأخذ المهر من زوجها ، وليست مطالبة بشيء من نصيبها لتصرفه على زوجها ، أو نفقة بيتها أو على أولادها ؛ فيجتمع لها ما ورثته من أبيها ، مع مهرها من زوجها ، مع أنها لا تطالب بالنفقة على نفسها وأولادها.

أليس إعطاء الرجل ضعف ما للمرأة هو العدل بعينه إذاً ؟

هذه هي منزلة المرأة في الإسلام ؛ فأين الأنظمة العادلة في الإسلام من نظم كثير من بقاع الأرض؟ حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل ؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها ، ولقمة تسد جوعتها ، وربما كان ذلك على حساب الشرف ، ونبيل الأخلاق.

وأين إكرام الإسلام للمرأة ، وجعلها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة ، وتسلبها حقها في الملكية و المسؤولية ، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار ، وتعدها مخلوقاً نجساً ؟ وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟

وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعةٍ تنتقل فيه الزوجة ؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت ؛ لتنظر في حقيقة المرأة ، وروحها هل هي من البشر أو لا ؟!

وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها ، ورعاية زوجها ، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها ، أو شبابها ، أو هرمها ، وفي حال فقرها أو غناها ، أو صحتها أو مرضها.

وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام - فإنما هو بسبب القصور والجهل ، والبعد عن تطبيق شرائع الدين ، والوزر في ذلك على من أخطأ - والدين براء من تبعة تلك النقائص.

وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه ؛ لعلاج الخطأ.

هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال : عفة ، وصيانة ، ومودة ورحمة ، ورعاية ، وتذمم إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.

أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني ، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة ، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية ، وأنها لا بد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط ؛ فذلك سر السعادة عندهم.

وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.

وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج وإظهار المفاتن ، وإبداء الزينة ، وكشف الصدور ، والأفخاذ وهو أشد ؟!

وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة ؟!

ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات ؟

ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء  الجميلة ، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت صلاحيتها ؟

وما نصيب قليلة الجمال من هذه الحضارة ؟ وما نصيب الأم المسنة ، والجدة ، والعجوز ؟

إن نصيبها في أحسن الأحوال يكون في الملاجىء ، ودور العجزة والمسنين ؛ حيث لا تزار ولا يسأل عنها.

وقد يكون لها نصيب من راتب تقاعد ، أو نحوه ، فتأكل منه حتى تموت ؛ فلا رحم هناك ، ولا صلة ، ولا ولي حميم.

أما المرأة في الإسلام فكلما تقدم السن بها زاد احترامها ، وعظم حقها ، وتنافس أولادها وأقاربها على برها - كما سبق - لأنها أدت ما عليها ، وبقي الذي لها عند أبنائها ، وأحفادها، وأهلها ، ومجتمعها.

أما الزعم بأن العفاف والستر تخلف ورجعية - فزعم باطل ، بل إن التبرج والسفور هو الشقاء والعذاب ، والتخلف بعينه ، وإذا أردت الدليل على أن التبرج هو التخلف فانظر إلى انحطاط خصائص الجنس البشري في الهمج العراة الذين يعيشون في المتاهات والأدغال على حال تقرب من البهيمية ؛ فإنهم لا يأخذون طريقهم في مدارج الحضارة إلا بعد أن يكتسوا.

ويستطيع المراقب لحالهم في تطورهم أن يلاحظ أنهم كلما تقدموا في الحضارة زاد نسبة المساحة الكاسية من أجسادهم ، كما يلاحظ أن الحضارة الغربية في انتكاسها تعود في هذا الطريق القهقرى درجة درجة حتى تنتهي إلى العري الكامل في مدن العراة التي أخذت في الانتشار بعد الحرب العالمية الأولى ، ثم استفحل داؤها في السنوات الأخيرة.

وهكذا تبين لنا عظم منزلة المرأة في الإسلام ، ومدى ضياعها وتشردها إذا هي ابتعدت عن الإسلام.