الصلاة

 وعندما تعترض المؤمن ظروف طارئة أو أوقات عصيبة لا يستطيع أن يؤدِّي فيها الصَّلاة بشكلها الأصلي؛ يُرخَّص له أن يؤدِّي هذا الفرض على الكيفية الَّتي تتلاءم مع ظرفه ووضعه رفعاً للحرج، وحرصاً على أدائها في وقتها. ومن هذه الرُّخص: القَصْر والجمع، تقديماً أو تأخيراً، والصَّلاة راكباً أو راجلاً، قائماً أو قاعداً أو مضَّطجعاً، وذلك وفقاً للظرف الَّذي يطرأ على المكلَّف، من سفر أو مرض أوغيرها من الظروف والأحوال، الَّتي لا تُسقِط هذه الفريضة ووجوب أدائها عليه. والحكمة من هذا التشريع أن يبقى المؤمن على صلة دائمة بالله وبذكره، قبل الصَّلاة وبعدها وخلالها؛ لأن الذكر وظيفة روحيَّة، يستطيع المرء ممارستها أثناء قيامه بواجباته الحياتيَّة، وفي جميع الأحوال، ومن شأنه أن يصل قلبه بالله تعالى، ليستمدَّ من أنوار قدسه إيماناً يَظْهَرُ أثره في تصرُّفاته وأعماله، ويعينه على مجاهدة نفسه، ويعطيه القوَّة لخدمة مجتمعه، قال تعالى: {فإذا قَضيتُمُ الصَّلاة فاذكُروا الله قِياماً وقُعوداً وعلى جُنوبِكم فإذا اطمأننتُم فأقيموا الصَّلاة إنَّ الصَّلاة كانت على المؤمنينَ كتاباً موقوتاً} (4 النساء آية 103).

والصَّلاة فرض مقيَّد بأوقات محدَّدة، لا يجوز تأخيرها أو الغفلة عنها، بل لابدَّ من المحافظة عليها للفوز برضى الرحمن؛ فهي مدرسة يدخلها المؤمن خمس مرات في اليوم ليزداد بها تعلُّماً وتفقُّهاً وحبّاً لله، كما أنها ضابطٌ روحي يُبقي للنفس جلاءها ونقاءها، وللجسد نظافته في الوضوء المستمر لإقامتها، قال صلى الله عليه وسلم : «أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا» (رواه الطبراني).

وترك الصَّلاة يسـتوجب العقـاب الإلهي بدليل قوله تعالى: {ما سَلَكَكُم في سَقَرَ * قالوا لم نَكُ من المصلِّين} (74 المدثر آية 42ـ43) وقوله أيضاً: {فويلٌ للمصلِّين * الَّذين هم عن صلاتِهِم سَاهون} (107 الماعون آية 4ـ5)، وقال صلى الله عليه وسلم : «من ترك الصَّلاة متعمِّداً، فقد برئت منه ذِمَّة الله ورسوله» (رواه أحمد).