×

العمل وآداب العمّـال في الإسلام

التصنيف: المرأة

2013-05-02  01:33 م  592

 

 بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

لقد عظم الإسلام من شأن العمل فقال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97] .. بل لقد جعل الإســلام العمل نوعاً من أنواع الجهاد في الإسـلام وما ذلك إلا لأهميته وفضــله وثمـــرته.
 عن أنس رضي الله عنه قال: مرّ بالنبي صلى الله وسلم عليه رجل، فرأى أصحاب النبي من جَلَده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا ـ يعنون النشاط والقوة ـ في سبيل الله؟ فقال رسول الله: «إن كان يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله. وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان» [رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1692].
والمطلوب أن ينزل المسلم في ميادين الحياة مكافحًا، فيطرق أبواب الرزق ساعيًا، ولكن قلبه معلق بالله، وفكره لا يغيب عن مراقبة الله وخشيته، والالتزام بحدوده والتقيد بأوامره.  قال تعالى: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور: 37]. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله ما أحب أن يأتيني الموت إلا على أحد شكلين؛ إما مجاهدًا في سبيل الله أو ساعيًا لطلب الرزق".
 فالعمل عبادة لله والقيام به على أكمل وجه علامةٌ من علامات الإيمان وأداء حقوقه والالتزام بآدابه براءة من المسئولية يوم القيامة بين يدي الواحد الديان... والعاقل لا يرضى لنفسه أن يكون كَلا على غيره، وهو يعلم أن الرزق منوط بالسعي، وأن مصالح الحياة لا تتم إلا باشتراك الأفراد حتى يقوم كل واحد بعمله فتُتبادل المنافع، وتدور رحى الأعمال، ويتم النظام على الوجه الأكمل.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخـذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه» [رواه البخاري].
ويقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة"، ويقول أيضًا: رضي الله عنه: "إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة؟ فإن قالوا: لا، سقط من عيني".. فعلى المسلم أن يعمل ويجتهد حتى تتحقق قيمته في الحياة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده» رواه البخاري...  وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان آدم عليه السلام حراثًا، ونوح نجارًا، وإدريس خياطًا، وإبراهيم ولوط كانا يعملان في الزراعة، وصالح تاجرًا، وداود حدادًا، وموسى وشعيب ومحمد صلوات الله تعالى عليهم رعاة للأغنام، وعمل صلى الله عليه وسلم أيضًا في التجارة..
 وقال لقمان الحكيم لابنه يومًا: يا بني استعن بالكسب الحلال فإنه ما افتقر أحد قــط إلا أصابه ثلاثة خصــال: رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته وأعظم من هذه الخصــال استخفاف الناس به.
إن من الآداب والواجبات التي ينبغي لكل مسلم أن يلتزم بها وهو يقوم بأي عمل من الأعمال أن يتقن عمله، وتلك صفة عظيمة في حياة المؤمن. لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإتقان في الأعمال فقد قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [السلسلة الصحيحة (1113)].
ومن آداب العمل في الإسلام أن يكون العامل قويًّا أمينًا.. والقوة تتحقق بأن يكون عالمًا بالعمل الذي يسند إليه، وقادرًا على القيام به، وأن يكون أمينًا على ما تحت يده، قال الله تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) [القصص: 26]،
وأن يكون العامل بعيدًا عن الغش والتحايل فالغش ليس من صفات المؤمنين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غش فليس مني» [مسلم وأبو داود والترمذي]، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يبيع طعامًا "حبوبا " فأعجبه، فأدخل يده فيه فرأى بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام، قال: أصابته السماء أي المطر فقال عليه الصلاة والسلام: فهلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، «من غشنا ليس منا» (رواه مسلم).
ومن الآداب والواجبات على العامل المسلم الالتزام بالمواعيد والنصح لصاحب العمل وتحري الحلال والبعد عن الأعمال المحرمة ويجب على العامل أن يحفظ أسرار عمله، فلا يتحدث إلى أحد -خارج عمله- عن أمورٍ تعتبر من أسرار العمل وعليه أن يلتزم بقوانين العمل.
ويجب على العامل أيضًا أن يحافظ على أداء الصلوات وإيتاء الزكاة، والقيام بسائر العبادات على أكمل وأحسن وجه، بل إن ذلك من أسباب الحصول على الرزق والتوسعة فيه، قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طـه: 132]..
فإلى كل عامل نقول في يوم العمل والعمال العالمي : هنيئاً لك عملك وسعيك ونسأل الله أن يجزيك خيراً على إتقانك وأمانتك ونصحك .. وأن يديم عليك صحتك وعافيتك ..كل عام وانت بألف خير

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا