×

تدريب المدربين التخصصي بين الحاجة الملحة والآفاق الواعدة Training Of Specialist Trainers TOST

التصنيف: إقتصاد

2018-03-14  04:55 م  445

 
  • المهندس عامر حلاق

  • التدريب وأهمية دوره:

إن عالم التدريب اليوم يعد هو الآلية التقنية الأساسية  لنقل الخبرات والتجارب والمعارف الحديثة  بين الناس وخصوصا من شريحة الخبراء في المجالات المتعددة إلى من هم في بداية الطريق أو من هم أقل خبرة في هذه المجالات, فنظام التعليم التقليدي بمراحله المختلفة وصولا إلى المرحلة الجامعية يرفد الطلاب بمعارف علمية وآليات التفكير التخصصية ثم يترك لهم الباب مفتوحا لإكتساب خبراتهم العملية من سوق العمل الذي عادة ما يكون محدودا بحجم الشركات و مشاريعها من جهة , ومحدودا بقدرة الخريج الجديد أن يجمع من خبرة ممن سبقه من زملاء ومديرين يضيفها على ما يكتسب بنفسه من خبرة بناء على التجربة والخطئ , حيث أنه قد يحتاج إلى سنين من العمل لتكوين خبرة عملية. بينما يأتي التدريب الذي يقدمه خبراء في المجال التخصصي ليكون الحل الأنجع لإكتساب الخبرات الكبيرة في وقت قصير.

  • التدريب التخصصي والمميزات التفاضلية:

إلا أن عملية تدريب المدربين TOT  التي هي أساس ينطلق منه التدريب المنهجي الذي قام بدور كبير وأساسي في رسم قواعد التدريب العامة و أدى دورا رياديا ولا شك, إلا انه عندما ندخل إلى التدريب في الإختصاصات العلمية البحتة أو  التطبيقية كالهندسة مثلا فإن أجزاء كبيرة من هذه القواعد و المهارات ستخرج تلقائيا لتحل محلها قواعد خاصة بالتخصص العلمي التطبيقي ,ثم ليعمل على تطوير المتخصصين الخبراء إلى مدربين إحترافيين عبر إخضاعهم  لدورات تدريب مدربين تخصصية, ليمتلكوا بدورهم مهارات إعداد حقائبهم التدريبية إنطلاقا من خبراتهم التطبيقية ويمتلكوا مهارات وتقنيات التدريب المرتبطة بتخصصهم ليؤدوا الغرض التدريبي بشكل محترف يراعي التخصص,فتصل خلاصات الخبرات التطبيقية للمتدربين بشكل مكثف ومريح.وعليه فنحن بحاجة لولادة جيل جديد من التدريب للمدربين يمكن تسميته "بالتدريب التخصصي للمدربين TOST".

  • الحاجة الملحة للتدريب التخصصي:

إن التخصصات بالعموم و التطبيقية منها يغلب على خريجين الجامعات وخصوصا التطبيقية منها ضمور في المهارات التطبيقية قد يؤخر فتح الفرص اللائقة امامهم حتى يبنوا خبراتهم بأنفسهم , حيث ان الشركات يهمها الخبرات لتستثمر بها و توظفها و ليس عندها عموما رؤية استراتيجية لتدريب و تأهيل خريجين جدد إلا ما كان ضمن التوظيف الإستنسابي.ثم أصحاب الخبرات التي قاموا بتكوينها بأنفسهم لخمس سنوات مثلا , فلو قدر لهم أن يأخذوا دورة تدريبية تخصصية لوصلوا إلى خبرة الخمس سنوات بوقت اقل بكثير قد يصل إلى أشهر معدودة ,و هذا الكلام أتكلم به بناء على خبرة ووصف للعديد من الحالات.كما أن التدريب المتخصص هو حاجة لأصحاب الخبرات من الخبراء الذين يعملون في شركاتهم كدخل إضافي مسائي أو حتى دخل أساسي عند تقاعدهم بما يمتلكون من خبرات غير مفعلة في الوقت الذي هناك من هم بحاجة ماسة إليها, ليأتي دور المتخصصين في صناعة التدريب ليأخذوا دورهم في ربط الحاجات ببعضها و صناعة نموذج عمل يستفيد منه كل الأطراف بشكل جيد , و يستفيد منه المجتمع بالعموم في تحسين أداء انتقال الخبرات التراكمي دون البدء من الصفر مع كل جيل.  

وعندما ننظر إلى أهمية التدريب التخصصي للمدربين فإننا نرى أن النقابات المهنية التخصصية لها دور أساسي في المشاركة في وضع المعايير التدريبية التقنية من الناحية التخصصية, يضاف إليها دور أصحاب الخبرات الكبيرة من مدربين المدربين و الروابط والإتحادات التدريبية الإحترافية العاملة في مجال التنمية البشرية و الإدارية لتضع لمستها في انبثاق حقائب تدريب المدربين التخصصية , وذلك عبر لقاءات تقام خصيصا للخروج  بمقومات هذه الحقائب  ثم لنيل الإعتماد اللازم من الجهات  النقابية و التدريبية ذات الصلة. فينتج عن ذلك التكامل إنتاج وإعتمادات لحزمة من الدورات التدريبية للمتخصصين كحقيبة تدريب المهندسين المدربين  TOET   ليتدرب بها خبراء الهندسة ليصبحوا بدورهم مدربين للمهندسين وهكذا في باقي التخصصات.

  • تدريب المهندسين المدربين TOET كنموذج خبرة عملية:

وحيث أنني مهندس ممارس لمهنة الهندسة لسنوات ثم إنتقلت إلى عالم الإدارة التدريبية و تلقيت دورة تدريب مدربين TOT  ثم كان عملي في مجال التدريب الهندسي التخصصي في مركز تدريب هندسي تخصصي أسسته وأديره في مدينة صيدا - لبنان  منذ ما يزيد عن عشرين شهرا من شهر أيلول 2016 وحتى الآن ,فمارست عمليا تحويل وتدريب أصحاب الخبرات الهندسية إلى مدربين عبر التعاون معهم في تصميم الحقائب بناء على نوع التطبيقات و ارتباطها الزمني و البرامج الحاسوبية المساعدة ثم الزيارات الميدانية و التطبيق العملي كما ومراعاة التقنيات التدريبية ثم تقييم المنهج التدريبي والمدرب من قبل المتدريبن مع نهاية التدريب لتحسين المنهجية و الأداء , و كانت هذه الخبرة أن فتحت أمامي فكرة  صناعة حقيبة "تدريب المهندسين (الخبراء) المدربين" التخصصية TOET  وذلك لتحويل هذه الخبرة المهنية إلى مسار تخصصي تدريبي إنطلاقا من مساري المهني الأخير. وقد برزت هذه الحاجة لتكوين هذه الحقيبة بمقومات خاصة  بعد أن لاحظت الطلب الكبير عليها من طلاب الجامعات كما ولاحظت بداية توسع إنتاج الحقائب في مراكز تدريبية عامة دون إدارة هندسية أو تدريبية تضبط المعايير , و خوفا على الجودة في التدريب الهندسي رأيت انه لا بد من أسعى إلى وضع اسس ضابطة برعاية وبالتعاون مع النقابات الهندسية  والروابط التدريبية لتكون الحقيبة الرائدة في جيل الحقائب التدريبية التخصصية إن شاء الله.

وقد كانت تجربتنا بداية مع تصميم حقائب تدريبية تخصصية TEP   Training Engineering Packages لمهندسي الميكانيك من التصميم الهندسي للمشاريع الحقيقية و الرسم للخرائط التنفيذية ثم تطورنا لنباشر في تكوين حقيبة تدريبية مهمة جدا وهي حقيبة Site Mechanical Engineer  بحيث تكونت من أهم المهام والمسؤوليات الملقاة على المهندس في إدارة النتفيذ داخل مواقع المشاريع الإنشائية و كيفية التفيذ للأنظمة وتركيبها و إختبارها وصولا إلى تسليمها و لتتضمن زيارات ميدانية إلى مشاريع حقيقية لربط التدريب بتقنيات عرضه المنوعة مع الواقع الميداني.ثم كانت التجربة في نقل تكوين هذه الحقائب إلى التخصصات في الهندسة الكهربائية و المدنية.

 

  • المستقبل و الآفاق التطويرية:

إن المستقبل واعد لنقل الخبرات التخصصية بشكل إحترافي , إلا أننا في طور التفعيل لهذا الطرح وبلورته مع كل المهتمين الذين نشترك معهم في تطوير التدريب و تطوير كفائته  لكفاية الحاجات التخصصية كما ونوعا, وإن هذا التعاون  التكاملي ستنتج عنه تحديث لمقومات التدريب وتقنياته اللازمة قادرة على تحويل خبراء التخصصين إلى منتجين لحقائب تدريبية تخصصية بمعايير مهنية, ثم الإنتقال من مرحلة TP   Training Packageإلى مرحلة Training Specialist Package  لتفتح لها ابواب إقامة دورات تدريبية تخصصية في مراكز التدريب النقابية والخاصة كمرحلة أولية ,ثم عبر العمل على التعاون و التكامل مع الجامعات ومراكز التدريب داخلها  بمرحلة لاحقة لإعتماد هذا التدريب المنتج من أهل الخبرة التخصصية والتدريبية على حد سواء.فالخبرات بشكل عام والهندسية منها بشكل خاص وحفاظا على إنتقالها السلس و المتراكم  والمنظم عبر الأجيال لكي تستمكل بدورها بخبرات جديدة تضاف للجيل القادم  فلا يسنفذ المهندسون وقتهم وسنين خبرتهم في تكوين الخبرات المنتجة سابقا بل يبنوا على الخبرات السابقة و ينتجوا خبرات جديدة تساعد على التنمية التقنية المتسلسلة والمتسارعة  للإنتقال بالمجتمعات التي نعيش فيها إلى مجتمعات أكثر إنتاجا وريادة بين شعوب العالم.

 

المهندس عامر حلاق

خبير في إدارة و تطوير مناهج التدريب الهندسي

مؤسس ومدير عام مركز التكنولوجيا المتطورة – للتدريب الهندسي /صيدا- لبنان

+961-71-352138

engamerhallak@hotmail.com

https://www.linkedin.com/in/amerhallak

http://developedtech.org

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا