الملل والتمرّد ...

التصنيف: ثقافة
2019-12-01 10:40 م 435
بقلم : خليل ابراهيم المتبولي
أجلسُ على كرسي مكتبي في غرفتي الصغيرة ، أتأمل كتابًا مفتوحًا ، أنظر في كلماته ، والكلمات تنظر إليّ بانتظار أن أفتتح القراءة وأغوص ببن المفردات ، غير أنني كنتُ شاردًا ، لا أدري بماذا كنتُ افكر ؟ أو بالأحرى لم أكن أفكر بأي شيء ، لقد كان ذهني صافيًا ، كصفاء السماء في عزّ الصيف ، رفعتُ رأسي ، ورحتُ اتأمل أثاث غرفتي والملل يحاصرني ، وروتين شكل الأثاث يأسرني .
السريرعلى الحائط اليمين تحت النافذة ، الخزانة على الحائط الشمال ، ومكتب مع كرسي على الحائط الوسط، وطاولة مستديرة صغيرة تحتل وسط الغرفة عليها بعض الكتب والصحف التي من المفترض أن تكون لي مسلية ، إلا أنها هي وكل هذا الأثاث تشعرني بالملل ، وكأنها جاثمة على قلبي ، قمتُ وبدأتُ بتغيير وضعية الأثاث . أحسستُ بفرحٍ من نوع آخر بسبب التجديد الذي حصل ، بعد فترة عاد الملل من جديد يحاصرني ، فكّرتُ قليلًا فاستنتجتُ أن الملل يعود إلى الطاولة المستديرة ، بالأحرى إلى موقعها الثابت في الوسط ، قمتُ وغيّرتُ موقعها ، ووضعتُ السرير مكانها أي في وسط الغرفة ، فكانت النتيجة غريبة وغير مألوفة بل مدهشة ...
عاد وتحرّك الملل ودخل عالمي، مما حفّز التمرّد مجددًا ، بينما كان الوضع على ما هو عليه ، وتعوّدتُ على المضايقة والملل من الوضع الغريب وغير المألوف ، ولكن ما حدث أنني لم أعد أستطيع الجلوس على كرسي المكتب للقراءة والكتابة ، مع العلم بأنها كانت متعتي بالحياة . بعد وقت ٍ ، بدأتُ أحسّ أنّ التجديد بدأ يفقد معناه ، والإزعاج عاد ، قمتُ وأزحتُ السرير من مكانه ووضعته مكان الخزانة ، ونقلتُ الخزانة إلى وسط الغرفة ، اعتبرتُ أنّ هذا التغيير والتجديد سيكون جذريًا ، لأنّ وضع خزانة في منتصف الغرفة يعتبر من الأعمال الخارجة عن المألوف ، وإنه عملٌ طليعي وثوروي بامتياز .
أصبح الوقت غير محدد في عملية التغيير ، وعملية تغيير الأثاث وتبديله من مكان إلى آخر لم تعد تستهويني لأنها أصبحت عملًا روتينيًا أيضًا ، رحت أبحث عن طريقة جديدة وعمل جديد مبتكر ، واتخاذ قرار حاسم ، إذ لم يكن بدّ من إجراء تغيير حقيقي داخل بعض الأبعاد المحددة ، التي كان من الضروري الخروج عليها ، وعندما يكون الخروج عن المألوف غير كافٍ والعمل الثوري غير مجدٍ ، عندئذٍ لا بدّ من القيام بتمرّد ثوري .
بعد تفكير كبير والسباحة في أفكارٍ متمردة ، قررت الخروج عن المألوف مجدّدًا ، فقرّرتُ الخروج من الغرفة والتوجه إلى غرفة أخرى ، علّها تمنحني فرحًا ومتعة جديدة ، ممكن أنني اعتقدتُ ذلك ، وربما يكون نجاحًا ونصرًا حقيقيًا ، حيث أن الوقت كافٍ ليدخلني في عادة جديدة ، ومع مرور القليل من الوقت لم أتوقف عن التعوّد على التغيير ، وكان الملل والتمرّد يزدادان مرافقين الوقت .
بدأتُ أعض على جرحي لأنّ هذا التغيير أنا الذي فرضته ، إلا أنّ قدرتي على التحمّل تبين أن لها حدودها ، وفي يوم لم أعد أحتمل فخرجتُ من هذه الغرفة ودخلتُ غرفتي مسرعًا وأعدتُ ترتيبها كما كانت في السابق ، السريرعلى الحائط اليمين تحت النافذة ، الخزانة على الحائط الشمال ، والمكتب مع الكرسي على الحائط الوسط، والطاولة المستديرة الصغيرة في وسط الغرفة ، وبعد الترتيب نمت ليلتين متتاليتين غير آبه بشيء ،
وعندما أشعر بالملل والتمرّد وخلق ثورة جديدة ، أتذكر تلك الأيام التي كنتُ فيها متمردًا وباحثًا عن التغيير .
أخبار ذات صلة
خليل المتبولي: مسلسل “يا غايب”: حكاية فضل شاكر بين الفن، والدين، والجدل
2025-05-01 10:29 ص 117
أصالة وفضل شاكر يحصلان على عضوية نقابة الفنانين في سوريا
2025-04-25 03:39 م 159
مقتل بطلة فيلم مشارك بـ"مهرجان كان" بغارة إسرائيلية على غزة
2025-04-18 05:26 م 157
80 طفلاً يرسمون التراث اللبناني والفلسطيني معالم تاريخية وعمارة
2025-04-14 03:02 م 133
مسابقة في حفظ القرآن الكريم ضمن عدة مستويات بمشاركة أكثر من ٢٥٠ متسابق
2025-03-17 01:15 م 358
كورال المشرق العربي يحي سهرات رمضانية
2025-03-17 12:33 م 1249
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

فشل مفاوضات تشكيل اللائحة الموحدة في صيدا... المدينة تتجه نحو معركة انتخابية
2025-04-28 08:22 ص

هذا المقال موجه لأبناء مدينة صيدا أقرأوه وأفهموه الانتخابات صيدا
2025-04-19 06:04 م

ال بدو يعرف هيدا رسم الترشيح للإنتخابات البلدية و الاختيارية
2025-04-15 05:51 ص

11 نصيحة بسيطة للحفاظ على صحة الكبد
2025-04-13 10:19 ص

الانتخابات البلدية في صيدا تتجه نحو الإبتزاز مالي والحصص والهيمنة
2025-04-01 02:10 م

الدكتور حازم بديع يحول صيدا من الليل إلى النهار