×

ش ماهر حمود صرح فرعون

التصنيف: سياسة

2020-12-04  03:33 م  283

 

صرح فرعون

ذكر الله لنا مرتين قصة عن فرعون، تدل على صلفه وكبريائه وقلة عقله، وكان هذا شأن الجبابرة الذين يظنون ان قوتهم الارضية المؤقتة والمصطنعة تجعلهم مؤهلين لان يقتلوا (رب العالمين) تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا:

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)} (سورة القصص)، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)} (سورة غافر).

كما ان النمرود ظن انه بعفوه عن محكوم بالإعدام اصبح بمكان يشبه رب العالمين الذي يحيي ويميت وفي العهد القديم في سفر التكوين قصة (بابل) التي ظن اهلها انهم يستطيعون ان يصلوا من خلال بناء يبنونه الى رب العالمين ليقتلوه، هم ايضا، فدمر عليهم بنيانهم وبلبل السنتهم وفي القرآن ما يشبه ذلك في قوله تعالى: { قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)} (سورة النحل).

وان فرعون عندما أفسد في الأرض لم يقل للناس تعالوا إلى الفساد وتعالوا إلى الكفر والإجرام، بل كان على العكس، يدعي أنه يدعو إلى الخير وفيما هو يمارس الفساد ويخاف على عقيدة الناس وهو يدعوهم إلى الكفر ويجعل الاتهام على موسى عليه السلام، { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26 } (سورة غافر)، { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) } (سورة غافر).

هذا هو الانسان الذي يظهر من خلال بعض ما يخوله الله اياه من قوة وسلطة ومال، انه قادر على كل شيء، وليست هذه صفة خاصة بالجبابرة والمتسلطين وكبار القوم، كما يسمونهم، ولكن بعض صغار القوم وأصحاب السلطات الصغيرة يتشبهون بالجبابرة فيظنون انهم بوقوفهم في وجه العدالة يغيّرون الحقائق ويحولون المذنبين الى ابرياء والمرتكبين الى منزّهين...

اميركا بصولجانها وسلطانها تضع نفسها في موضع المدافعين عن الشر والشريرين حقنا في البحر والغاز والنفط، تحاول اميركا ان تصادره بكل صلف ورعونة وتنزل بنا العقوبات وتعطل تشكيل الحكومة وتمنع وصول العملة الصعبة الى لبنان ... الخ.

لن تستطيع اميركا بكل ما تملك من قوة ان تغير قدر الله وان تحرم اهل الارزاق من ارزاقهم.

ولن ننتظر "بايدن" ولا غيره، حقنا سينتصر ومقاومتنا مظفرة.

وفي نفس السياق، نستنكر تدخل المراجع الدينية في شؤون الناس لصالح الظالمين والمتكبرين والمترفين ...الخ. وقد يكون التدخل في بعض الشؤون السياسية ليس امراً مشكوراً، خاصة ان لم يكن مرتكزا الى قاعدة واضحة وحرص على المصلحة العامة بعيدا عن الفئوية والطائفية والمذهبية، أما التدخل في القضاء فإنه يصبح خطيئة مرذولة لا تتناسب مع أبسط مبادئ الحق والعدالة التي تقرها كافة الشرائع، فإن الاوطان لا تبنى الا بالعدالة والتجرد، اما الطائفية والانتصار للمتكبرين والمترفين فهو ما ينزل اللعنة على الناس جميعا، قال صلى الله عليه وسلم : (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) [رواه البخاري عن عروة برقم 4304].

 وان كان صح ان غبطة البطريرك تدخل في القضاء وابلغ قادة الجيش الذين وجهت لهم تهم الفساد بالاّ يمثلوا امام القضاء، باعتبار انتمائهم لطائفة معينة، ان صح هذا التدخل فهو اسوأ نوع من التدخل الطائفي، ويخالف ابسط المبادئ التي دعا اليها سيدنا المسيح عليه السلام، الذي ناصر الفقراء والمظلومين واشتهرت كلمته المأثورة (من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر).  

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا