×

جمود على نقطة المصنع الحدودية يعكس المخاوف من أحداث سوريا

التصنيف: سياسة

2011-04-27  09:41 ص  1106

 

سامر الحسيني
تروي الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة المصنع، البوابة البرية الأكبر للبنان إلى الدول العربية وبالعكس، مأساة يومية، يكتبها الجمود والهدوء والفراغ، الذي يطبع اليوميات الحالية للمنطقة التي اعتادت على الزحمة، وطوابير الشاحنات، وقوافل السيارات، والبولمانات السياحية، التي اختفت بالكامل في هذه الأيام. ومؤشر الخوف والخسائر عند تلك النقطة الحدودية ارتفع صباح أمس مع انتشار خبر إقفال الحدود الإردنية ـ السورية، الذي تأكد باقتصار موكب دخول الشاحنات الآتية من تلك الحدود باتجاه لبنان على شاحنتين دون سواهما من أصل مئة وعشرين شاحنة اعتادت الحدود اللبنانية استقبالهم صبيحة كل يوم.
ومع تضارب المعلومات الواردة من الداخل السوري حول الحدود الأردنية ـ السورية، يعيش البقاعيون تخوفاً كبيراً من المقدر أن تتسع رقعته، ويكبر في الأسابيع المقبلة القليلة مع بداية نضوج المواسم الزراعية التي لا سبيل لها سوى الحدود البرية اللبنانية والسورية والاردنية، لتصدير إنتاجهم إلى دول الخليج العربي، والدول العربية الاخرى كالعراق والأردن. وتعتبر الحدود السورية - الأردنية، المعروفة باسم «النصيب» الممر العربي البري الأساسي للبنان، لخروج ودخول القوافل والشاحنات المعدة للتصدير والاستيراد والترانزيت، من وإلى دبي، وقطر، والكويت، والسعودية، وكل دول الخليج، وسواها من البلدان العربية والآسيوية.
وترتسم على الطريق الدولية بين لبنان وسوريا، الممتدة من منطقة المصنع، وصولاً إلى جديدة يابوس صورة حالية معاكسة تماماً للطريق التي كانت تعج بمئات الشاحنات والسائقين لأشهر مضت، فالطريق مقفرة وحركة العبور شبه معدومة، وما بين الدقائق والدقائق الطويلة تعبر سيارة أو شاحنة بالاتجاهين، في مشهد يسميه البقاعيون بـ»انقلاب الصورة». وتؤكد مصادر جمركية أن «تراجع في حركة دخول وخروج الشاحنات في المنطقة الحدودية في المصنع، وصل إلى حدود أربعين بالمئة»، لافتة إلى أنه «كان من المفترض أن ترتفع الحركة التجارية في هذا الوقت تصاعدياً منذ بداية السنة، إلا أن حركة الاحتجاجات في الداخل السوري، وخصوصا في درعا، التي يشكل أبناؤها أكثر من ثمانين بالمئة من سائقي القوافل العربية، أدى إلى تراجع كبير في عملية الدخول والخروج»، معيدة الأسباب إلى «إحجام عدد من السائقين عن مزاولة أعمالهم، بسبب المخاوف التي تعترض طريقهم، إضافة إلى تروي بعض التجار، والمستوردين، والمصدرين، عن شحن بضائعهم بسبب الخشية من عمليات سطو تعترض طريق بعض الشاحنات. ولا سيما أن الأخبار الواردة من الداخل السوري، تتحدث عن عمليات تشليح مع اضطرابات تؤدي إلى إقفال الطرق والتعرض بالتكسير لبعض الشاحنات».
وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تبدو منطقة المصنع هادئة إلى حد السكون، فالشكاوى عن الاكتظاظ والزحمة تلاشت. والأمكنة والباحات فارغة. وحركة العبور التي اعتاد عليها البقاعيون باتجاه الداخل السوري شبه معدومة. والتراجع في أعداد العابرين والواصلين عند تلك النقطة الحدودية بات سمة واضحة، ومعلومة، ويومية، وبشكل متصاعد، بلغ ذروته يوم أمس مع شبه انعدام لحركة العبور بالاتجاهين، لا سيما مع تصاعد الإشكالات والاحتجاجات في الداخل السوري، في ظل حديث عن مواسم سياحية تضررت بشكل فادح أدت إلى إلغاء حجوزات لأفواج سياحية كانت وجهتها سوريا ولبنان في آن.
وفي المصنع، الكل في استراحة فرضتها الأجواء السورية، باحات الأمن العام التي كانت تشكو من ضيق المكان، وعدم الاتساع للسيارات الوافدة بدت أمس شبه خالية، والغرف المخصصة لإجراء معاملات الدخول والخروج فارغة إلا من ضباط وعناصر الأمن العام، الذين ينتظرون زوارا وعابرين، كانوا موضوع شكوى في الفترة الماضية من كثرة أعدادهم التي تضاءلت في هذه الأيام إلى بضع مئات، بعدما كانت تسجل بأرقام أربعين ألف إلى خمسين ألف عابر في اليوم الواحد. المفارقة اليوم أن أعداد الداخلين من العائلات السورية إلى لبنان تفوق بكثير أعداد اللبنانيين القاصدين المناطق السورية. وهي صورة معاكسة لكل وقائع السنوات الماضية. والسبب يعود إلى أن الكثير من العائلات السورية الميسورة تختار زيارة لبنان ابتعادا عن الإشكالات، كما أن عددا من العمال السوريين هربوا من الاحتجاجات. ويتحدث السائق محمد علي، الذي يعمل على خط شتورا - الشام، عن «تراجع كبير في أعداد الوافدين إلى سوريا من لبنان». فيعود علي من سوريا بسيارته من دون ركاب. وكذلك الأمر بالنسبة للسائق السوري حاتم احمد.
والتراجع في حركة العبور لا يطال الأفراد والعائلات فقط بين لبنان وسوريا، بل انعكس على حركة عبور الأردنيين والخليجيين، الذين يقصدون لبنان عن طريق سوريا عن طريق البر، فتأثرت تلك الحركة كثيرا بمجريات الداخل السوري. ويتحدث أصحاب مكاتب السفر، والمؤسسات السياحية، عن «كوارث» طالت مؤسساتهم من جراء إلغاء حجوزات لأفواج سياحية كانت «تفكر» في تمضية عطلة سياحية بين لبنان وسوريا، وجلّها من أوروبا وبعض الدول العربية. وكان من المفترض أن تشكل عطلة عيد الفصح، أو عطلة الربيع، مناسبة لتنشيط الحركة السياحية التي تعمل على خط لبنان - سوريا - تركيا، إذ اعتاد مئات اللبنانين القيام برحلات إلى مارسين، وماردين، وانطاكيا في تركيا، عن طريق البر، إلا أن الاحتجاجات حالت دون ذلك، الأمر الذي أدى إلى إلغاء حجوزات، وفق ما يؤكد مفلح الأزرق صاحب مكتب سفريات في شتورا. ويتحدث الأزرق عن إلغاء حجوزات تعدت نسبتها تسعين بالمئة من حركة الأفواج السياحية، التي كانت ترتاد لبنان وسوريا ضمن أفواج سياحية كانت تقضي ثلاثة أيام في سوريا وثلاثة أيام أخرى في لبنان.
أمام تلك الوقائع اليومية، تتفاقم الأزمة الاقتصادية في البقاع. وتقدم ساحة شتورا الساكنة والمرتاحة من صراخ السائقين خير دليل على جمود حركة العبور، التي أدت إلى تراجع في حركة التبادلات المالية في مؤسسات الصيرفة المنتشرة في شتورا، حيث يشير الكثير من أصحاب تلك المكاتب إلى تراجع بالمليارات في قيمة التبادلات اليومية والتحويلات المالية.
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا