×

خفض وزن الحقيبة المدرسية ضمن مشروع تطوير مناهج التعليم العام

التصنيف: Old Archive

2009-09-07  05:36 ص  2471

 

 

تشترط دانا على والدتها أن تحمل حقيبتها المدرسية قبل شراء الكتب الجديدة، «ظهري بعدو عم يوجعني من السنة الماضية» تقول دانا، وهي تقف إلى جانب والدتها تستمع الى الناظرة، وهي تعدد الكتب الجديدة، «كتاب العلوم مع التطبيقات»، «الرياضيات مع التطبيقيات»، القراءة، والتاريخ والفرنسي، والجغرافيا.. و..تضع دانا يديها على أذنيها لا تريد أن تستمع الى كامل اللائحة، فهناك القرطاسية، ودفتر لكل مادة، والأجندة و...
وكما هو معروف، فالحقيبة المدرسية ترافق التلميذ طوال 12 عاماً من عمره، وهي الفترة الزمنية التي يقضيها التلميذ في الدراسة قبل الوصول الى الجامعة، يعتاد في هذه الفترة الإلزامية على نقل الحقيبة الى المدرسة كل يوم، إما على ظهره وإما بين يديه، وهذا المشهد ليس حكراً على تلامذة لبنان، بل هو مشترك مع دول أخرى.
وقد أطلقت سلسلة من التحذيرات الطبية العالمية، تنبه من حمل الحقائب الـمدرسية بشكل خاطئ، خصوصا الثقيلة منها التي تجعل الأطفال عرضة بشكل متزايد لإصابات الظهر والإجهاد العضلي.
التلامذة الأكثر تأثرا بحجم الحقيبة المدرسة، هم ممن تحت سن الأعوام العشرة، بسبب صغر عمرهم وزيادة عدد الكتب الممنوحة لهم سنوياً مع دخول مواد جديدة على المناهج أو «تغييرات»، ضمن «التعديلات» التي تضاف سنويا.
خطوة جديدة، خطتها وزارة التربية، نحو التخفيف من الكتاب المدرسي ودمجه، وبالتالي إلغاء الحقيبة «الثقيلة» تمثل في الموافقة أخيراً، على إصدار مناهج جديدة مطورة لمرحلة الروضة وللحلقة الأولى من التعليم الأساسي.
لزم لإقرار هذه الخطة 108 ورش عمل عقدها المركز التربوي للبحوث والإنماء، و11 اجتماعاً لهيئة متابعة خطة تقييم وتطوير الهيكلية والمناهج التعليمية، والتي تضم مندوبين عن 45 مؤسسة تعليمية خاصة ورسمية، مدرسية وجامعية، تمثل جميع الطوائف، إضافة الى نقابيين، على أن تعتمد هذه المناهج مطلع العام الدراسي 2010/2011، ويسبق ذلك تطبيقها كمرحلة تجريبية العام الدراسي المقبل، في مدرستين رسميتين ومدرستين خاصتين في كل محافظة، لاستخلاص العبر والاستفادة من التجربة وأخذ الملاحظات للتطوير والتعديل.
التلميذ هو المحور
ماذا تحتوي هذه المناهج الجديدة المطورة، من مواد، وبالتالي ما هي الغاية من وراء ذلك، والى ماذا ترمي، وما هي الخطوات التي سبقت والمراحل التي قطعتها للتوصل الى تخفيف الحقيبة المدرسية، وما تتضمنه هذه المناهج من مواد، وعلى ماذا تحتوي؟ كل ذلك من خلال جملة من المراجع والمتابعات، وما تنص عليه المناهج الجديدة، علماً أن إعادة النظر في المناهج التربوية تحتاج، بالدرجة الأولى، إلى اتخاذ قرارات بشأن اختيار المقاربة التي ستقود هذه العملية وتوجهها، نظراً إلى أن مناهج التعليم بمختلف مكوناتها ومستوياتها تتطلب تطويراً دائماً ومستمراً تفرضه ظروف الحداثة والممارسات المجتمعية، وعليه فإن بناء المناهج عملية تتعلق في جانب أساسي منها بكل بيئة ومجتمع، من هنا ليس هناك نموذج واحد يكون بمثابة صورة لمخطط ناجح، على الآخرين نسخه كما هو.
فالمقاربة الفضلى لكل إصلاح تربوي يمكن اختيارها عموما بين مجموعة خيارات، بناء على: السياسة العامة التربوية الكفيلة بتأمين حاجات المجتمع ومتطلَّباته. حاجات المتعلم في مراحل التعليم العام ما قبل الجامعي. الغايات التربوية التي تسهم في رسم ملامح شخصية المتعلم القادر على مواجهة تحدِّيات القرن الواحد والعشرين.
انطلاقاً من هذا التوجه، باشر المركز التربوي للبحوث والإنماء عملية تطوير هذه المناهج محافظاً على خيار اعتماد المقاربة بالكفايات، فقد مرت عمليّة بناء المناهج بمراحل أساسية ثلاث: بناء المناهج على أساس المحتوى، بناء المناهج على أساس الأهداف التربوية، ومن ايجابياتها اعتبار التلميذ للمرة الأولى محوراً لعملية التعلّم بدلاً من المعلم، وثالثا: بناء المناهج على أساس المقاربة بالكفايات، وما يميز هذه الأخيرة هو اعتمادها استراتيجية تعلم ثلاثية الأبعاد: «ماذا نعلّم؟»، «كيف نعلّم؟»، «لماذا نعلّم؟».
انطلاقاً مما سبق فقد عمد المركز التربوي للبحوث والإنماء إلى عملية تطوير مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي من خلال خطة عمل مؤلفة من مراحل عدة: المرحلة الأولى: وقد تم خلالها تنظيم 108 ورش عمل شارك فيها مسؤولون من مختلف المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة، حيث ناقش المشاركون مناهج كل مادة دراسية، والصعوبات التي واجهت عملية تطبيق هذه المناهج.
المرحلة الثانية: وقد تم خلالها تشذيب نظام التقويم بالكفايات، وذلك لجعله أكثر عملانيةً وأسهل تطبيقاً، عبر تحديد الكفايات المطلوب من المتعلم اكتسابها في كل مادة دراسيّة في نهاية كل حَلْقة، واختصار عددها وإنجاز نماذج لوضعيات تقويم مفصّلة تبين مدى اكتساب كل كفاية.
المرحلة الثالثة: وقد بدأت بموازاة المرحلة الثانية، بهدف تأمين التنسيق والترابط بين مختلف مكوّنات المنهج وتمت خلالها إعادة النظر بتفاصيل مناهج مرحلة الروضة والحلقة الأولى من التعليم الأساسي معاً، حيث تمّ تعزيز الترابط والتكامل بين هذه المناهج بما يسهّل عملية انتقال التلميذ من حلقة الى أخرى، على أن تستكمل لاحقاً إعادة النظر بمناهج الحَلَقات الأخرى.
والمرحلة الثانية وهي الأهم التي يركز عليها المشروع والمتعلقة بالكفاية، وتهدف الى معرفة القدرة التي يمتلكها الفرد على توظيف مجموعة من الموارد (معارف وقدرات ومهارات ومواقف) بشكلٍ مندمج، بهدف تنفيذ مهمة أو حل وضعية مركبة تابعة لعائلة من الوضعيات ذات الخصائص المشتركة.
إعداد التلميذ
أما كيف يتم إعداد التلميذ لتوظيف معارفه وقدراته ومواقفه ودمجها، فيكون عبر بدء المعلم عملية تعلُّم محدّدة الأهداف لفترة خمسة أسابيع تقريباً، يتّم خلالها تعلُّم الموارد التي تشكل عناصر الهدف التعلمي المعني (درجة الكفاية) وتقويمها عبر تمارين بسيطة وأسئلة تطبيقية مباشرة للتأكد من اكتسابها.
خلال الأسبوع السادس، يتطرق المعلم إلى إعداد التلامذة على الإدماج من خلال العمل على وضعيات مركبة يستدعي حلها توظيف ما تمّ تعلمه في الأسابيع الأولى من دون التطرق إلى معارف جديدة، فيقترح المعلم عملياً على التلميذ وضعيَّتين مركبتين في الأقل تسمحان له بأن يتدرب على كيفية إدماج مكتسباته. وهذا يعني أنّ عملية دمج الموارد تتمّ بتدرّج بحيث تعطي فرصة للتلميذ كي ينمّي الكفاية المستهدفة. وبعد أن يتم تعلُّم دمج الموارد، يقوّم المعلِّم هذا الدمج عبر وضعيات مركّبة.
.. وتقويم
وفي كل مشروع هناك معايير للتقويم، يجب أن يحصل عليها التلميذ، من خلال ثلاث سنوات تشكل الحلقة الأولى، ففي نهاية هذه الحلقة، وفي إطار وضعيّة تواصلية، ينال التلميذ قدراً معيناً من العلم، ففي اللغة العربية يصبح التلميذ قادرا على أن يتواصل شفهيا وكتابيا مع الآخر، وقادرا على أن ينتج كتابيًّا، نصًّا قصيرًا، من نحو ستّة أسطر، يسرد فيه أحداثًا، و/أو يصف أشخاصًا أو مشاهد أو حيوانات، أو يُعطي تعليماتٍ، انطلاقًا من مستند مرئيّ أو مقروء أو مسموع، مرتبط بخياله أو بالحياة اليوميّة، بلغة فصحى بسيطة وجمل مترابطة، مراعيًا بنية اللّغة وقواعدها.
أما معايير التّقويم في السنوات الثلاث في الحد الأدنى فتتلخص بـ: الملاءمة، الاتّساق، سلامة اللّغة. وفي معايير التميز: العرض الجيد وثراء المعجم.
وعند نهاية الحلقة الأولى من دراسة منهج مادة المعلوماتية، يصبح الطالب قادراً على استخدام نظام تقنيةَ المعلومات كمادّة تربوية لكي يبني معرفته ولتَطبيق المحتويات التربوية لحَلّ مشكلة.
ويصبح التلميذ في نهاية الحلقة الأولى من مادة الجغرافيا قادراً على تحديد مواقع مكانية وزمانية واجتماعية واقتصادية انطلاقاً من محيطه المباشر بالاعتماد على موارد متنوعة، خصوصا أن المواد المتقاطعة مع مادة الجغرافيا هي: موسيقى ـ لغات ـ تربية ـ رياضيات.
وفي نهاية السنة الثالثة من منهج العلوم أيضا وبالاستناد الى وثائق ومستندات، يصبح التلميذ قادراً في وضعية مشكلة ذات دلالة بالنسبة إليه، على أن يختار الحل المناسب للمحافظة على صحته وحمايتها من الأخطار، حماية الكائنات الحية (نباتات وحيوانات) وحفظ البيئة، والتعرف على أثر الطاقة والمغنطيس على المادة والأشياء. والهدف التعلمي: يقترح طرق حماية حواسه وأجهزة جسمه.
ويصبح التلميذ في نهاية المرحلة الأولى من منهج التكنولوجيا وفي إطار وضعية ـ إشكالية، قادراً على تنفيذ غرض تقني، مستخدماً المواد والأدوات المناسبة من بيئته، ومقترحاً فرضية تتعلق بأداء هذا الغرض وتحسينه.
هذه بعض مما تهدف اليه المناهج الجديدة، على أن التغيير الفعلي سيطال التلامذة بحد ذاتهم، الذين سيجدون في هذه المناهج و«معهم الأهل»، طرقا مختلفة عما سبق وعاهدوه من تعليم، على أن العبرة تبقى دائما في حسن التنفيذ، والمهم أن التعليم سيبقى هو ذاته، أما الحقيبة المدرسية فستخفض، مترافقة مع طرق حديثة في التدريس، لجهة ترغيب التلميذ على المتابعة، خصوصا أن مختلف المواد ستكون أشبه بالنشاطات اللاصفية داخل الصف، وهذه ستعطي التلميذ حافزا على المتابعة. ويبقى أخيراً أن يتمكن القيمون على هذه الورشة من تحقيق الأهداف المرجوة.
عماد الزغبي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا