مساجد صيدا، المقامات, الحمامات, الأماكن الأثرية

بسم الله الرحمن الرحيم

صيداء:

صيدا المدينة الصامدة المجاهدة, التي لم تعرف إلا البذل والعطاء, أعطت الوطن أكثر مما يعطيها. ولم تعرف عبر تاريخها الطويل غير التسامح البعيد عن الحقد والتعصب. ومن تسامحها "أن كنيسة الموارنة الكائنة في صيدا القيدمة كانت ملكاً لآل جلال الدين. قدموها هبة للطائفة المارونية الكريمة لتقيم شعائرها الدينية. ووضع ثمن رزمي هو أربعة قروش أسدية, كما وضع داخل الكنيسة كرسي لآل جلال الدين, لا يجلس عليه إلا أحد أفراد عائلة جلال الدين في أي احتفال ديني!.

تظل صيدا متفائلة بالنهوض من كبوتها, على يد أبنائها الذين يتحمسون الأهمال المعتمد لمدينتهم, ورغم الدراسات التي توضع عن مدينة صيدا. بهدف تحريف معالمها, فإن هذه المعالم تضفي على صيدا طابعها الإسلامي المنفتح والمحب للآخرين.

دراسة المعالم الإسلامية في صيدا, دراسة صعبة وشاقة, فهذه المعالم تعرضت لضربات كثيرة, منها.

"افتقار المكتبة الإسلامية إلى تاريخ الأوقاف الإسلامية في صيدا.

-   فقدان سجلات المحكمة الشرعية التي نقلت من صيدا إلى النبطية أثناء الحرب العالمية الأولى, فأضاع على الأوقاف, وخاصة أوقال الحرمين الشريفين لا يمكن حصرها.

-   القرارات التي أصدرتها الحكومة الفرنسية بتاريخ 29 كانون الثاني 1926. ومن هذه القرارات قراراً يعرف بقرار استبدال الأوقاف رقم 80. يقضي هذا القرار بإباحة استبدال عقارات مبنية أو غير مبنية, ويفرض على كل صاحب حق بإجارة طويلة استبدال ذلك الخق حبراً وخلال سنة من تاريخ صدور هذا القرار, ويخول دوائر الأوقاف القيام بالمعاملات اللازمة للاستبدال إذا تخلف المتولي أو صاحب حق التصرف عن طلب الاستبدال وتحت طائلة المسؤولية!

وحدد بدل استبدال حق الأوقاف بثلاثين من قيمة المرتب السنوي.

ساعد على تنفيذ هذه القرارات الجائرة بحق الأوقاف الإسلامية في لبنان وسوريا أن سلطات الانتداب الفرنسي وضعت على رأس الأوقاف الإسلامية في لبنان وسوريا ضابطاً فرنسياً هو فيليب جينادري. كما أن مستشار الشؤون العقارية ومراقب الأوقاف الإسلامية كان مترجماً يهودياً يدعى جميل ساسون.

-   وجود المستشار الفرنسي في الجنوب المسيو بنسون, وكان يقيم في مدينة صيدا. فقد عمل هذا المستشار الفرنسي على إضاعة الكثير من العقارات الوقفية, ومما قام به أنه طلب من المحافظ تسجيل جبانة العسكر لاسم البلدية- ةجبانة العسكر قسم من جبانة باكير المعروفة بجبانة الشاكرية, خصص لدفن الجنود. وغلب عليها اسم جبانة العسكر- فقدم المحافظ إلى أمانة السجل العقاري كتاباً بتاريخ 7 أيلول 1932, رقم 369, طلب فيه تسجيل المقبرة لأسم البلدية, وهكذا سجلت المقبرة باسم بلدية صيدا تحت رقم 553 و554 من منطقة الدكرمان.

-   هذا التصرف, وبالتالي التسجيل لا يخرج المقبرة شرعاً وقانوناً من كونها مقبرة إسلامية صرفة, تعود ملكيتها لأوقاف المسلمين. ولا يكسب البلدية حق تملكها, فقد أثارات دائرة أوقاف صيدا قضية ملكية هذه المقبرة سنة 1944 بعد الاستقلال بطريقة إدارية. وطالبت رئاسة الوزراء, ومحافظ الجنوب وبلدية صيدا اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتصحيح ملكية المقبرة. واتخذ مجلس أوقاف صيدا الإداري عدة قرارات بهذا الشأن, كما شكل وفوداً اجتمعت مع رئيس الوزراء آنذاك والمسؤولين. واكنت كل مراجعة تتلقى الوعود التي لم تنفذ, بعد أن عمدت الطائفة المارونية الكريمة إلى بناء كنيسة في القسم الشرقي من المقبرة, واختارت هذا الموقع حتى تكون الكنيسة على الشارع العام, بعد تنفيذ شق شارع رياض الصلح , الذي يخترق تربة العسكر. والقسم الغربي من المقبرة مؤجر إلى مؤسسة الصاوي زنتوت, والذي أقيمت عليه محطة للوقود.

-   صدور قانون العاشر من آذار لعام 1947 الذي ينص على تصفية الأوقاف الذرية, فبيعت وفق هذا القانون غالبية الأوقاف بالمزاد!

هذه الدراسة محاولة لالقاء الضوء على المعالم الإسلامية في صيدا تمهد الطريق أمام الباحثين كي يتعمقوا في دراسة هذه المعالم, ووضع الدراسات العلمية, التي تعالج الموضوع من الزاوية الموضوعية البعيدة عن الأهواء والغايات.