×

قصص الأنبياء قصة سيدنا يونس عليه السلام

التصنيف: الناس

2023-04-05  10:04 م  768

 

:

مهما كانت مشكلتك في الحياة، تذكر أنها ليست أكبر من مشكلة سيدنا يونس الذي وجد نفسه فجأةً في بطن حوت !!!

- قوم يونس :

قيل في نسب يونس عليه السلام:
إنّه يونس بن متّى، ثمّ يتصل نسبه بنسل بنيامين شقيق يوسف عليه السلام ، كانوا يسمونه يونس ، وذا النون ، ويونان ، وكان نبياً كريماً .
بُعث يونس -عليه السلام- إلى نينوى، في العراق، إلى قومٍ انتشر الشرك بينهم؛ فكانوا يعبدون الأصنام، فأوحى إليهم يونس وأرشدهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، إلا أنّهم كذّبوه، وكفروا برسالته، وأصرّوا على عبادة أصنامهم وأوثانهم، وكان من بينها صنم أكبر يُدعى: عشتار، وقد قيل: إنّ دعوة يونس -عليه السلام- لقومه استمرت ثلاثاً وثلاثين سنة، إلّا أنّه لم يؤمن معه سوى رجلين، ولذلك شعر يونس -عليه السلام- باليأس من قومه، فتركهم وخرج من بلدتهم.

- خروج يونس من نينوى وهجره لقومه :

جاء يوم على يونس فأحس باليأس من قومه ، وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون .
قال تعالى :
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)

خرج يونس -عليه السلام- من نينوى، وظنّ أنّ الله -تعالى- لن يؤاخذه بهذا الخروج؛ لأنّه قدّم كلّ ما عليه في سبيل دعوة قومه، ولم يستجب أحد !!
وحين خرج بدأ يحلّ على قومه بوادر العذاب الذي توعّدهم فيه، فهلّت السُّحب السوداء، وغشيهم دخانها، واسودّت سطوحهم، فأيقن القوم أنّ عذاب الله -تعالى- آتٍ لا مفرّ منه، فخافوا ووجِلوا، وبحثوا عن يونس عليه السلام ليهديهم طريقة التوبة والإنابة فلم يجدوه ..
فأتوا رجلاً شيخاً فسألوه عمّا يجب فعله ؟
فأرشدهم إلى طريق التوبة إلى الله تعالى
فجمعوا كبيرهم وصغيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وحيواناتهم جميعاً، ثمّ جعلوا على رؤوسهم الرماد، ولبسوا المسوح من اللباس، تواضعاً لله سبحانه، ثمّ أقبلوا عليه في هذا الحال في مشهدٍ عظيمٍ، ضارعين له أن يصرف عنهم العذاب، ويتوب عليهم، فتاب الله -تعالى- عليهم، وقبل إيمانهم بعد كلّ هذا الكفر والعِناد، ولم يشهد يونس -عليه السلام- هذا الحال منهم.

- ركوب يونس في السفينة :

كان يونس غاضباً من قومه ، فذهب إلى شاطئ البحر وقرر أن يركب سفينة تنقله إلى مكان آخر ويتركهم.
لم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم ، وظن يونس أن الله لن يوقع عليه عقوبة لأنه ترك قومه ..
غاب عن يونس عليه السلام أن النبي مأمور بالدعوة إلى الله فقط ، ولا عليه أن تنجح الدعوة أو لا ، المفروض أن يدعو لله ويترك مسألة النجاح أو عدمه لخالق الدعوة.
ركب يونس عليه السلام السفينة فغلبه النوم من شدة التعب ولا يكاد يستسلم فيه للنعاس حتى يفيق فزعاً بلا سبب مفهوم.
حان وقت المد ، ورفعت السفينة حبالها ، وانسابت على وجه الماء مبتعدة عن الرصيف ، مضت السفينة طوال النهار وهى تشق مياها هادئة وتهب عليها ريح طيبة.
وجاء الليل على السفينة ، وانقلب البحر فجأة ، هبّت عاصفة مخيفة كادت تشق السفينة ، وبدت الأمواج كمن فقدت عقلها فراحت ترتفع وتهبط ، راحت الأمواج تكتسح سطح المركب ، ووراء السفينة كان حوت عظيم يشق المياه وهو يفتح فمه ، صدرت الأوامر إلى أحد الحيتان العظيمة فى قاع البحر أن يتحرك إلى السطح ، أطاع الحوت الأمر الصادر إليه من الله وأسرع إلى سطح البحر. مضى يتعقب السفينة كما تقتضى الأوامر ، واستمرت العاصفة.

وزاد صراخ الرياح وهبَّ يونس عليه السلام فزعاً من نومه فرأى كل شىء فى الغرفة يهتز ، صعد على سطح السفينة. لم يكد يراه القبطان حتى قال : سنجري القرعة على الركاب ومن خرج اسمه ألقيناه فى البحر ، وكان يونس عليه السلام يعرف أن هذا تقليد من تقاليد السفن عندما تواجه العواصف ، وهو تقليد وثني غريب .

- بدء بلاء يونس ومحنته :

ومن هنا بدأ بلاء يونس ومحنته ، وأجريت القرعة فخرج اسم يونس عليه السلام ، وأعيدت القرعة ثلاث مرات فلم يخرج إلا اسم النبى الكريم !!
انتهى الأمر وتقرر أن يرمي يونس نفسه فى البحر ، أدرك يونس وهو يعتلى خشب السفينة أنه قد أخطأ حين ترك قومه غاضباً وبغير إذن من الله ، وظن أن الله لن يوقع عليه عقوبة ، والآن فإن الله سبحانه وتعالى يعاقبه ، وقف يونس عليه السلام على حاجز السفينة ينظر إلى البحر الهائج والأمواج السوداء ، كانت الدنيا ليلاً ، وليس هناك قمر والنجوم تختفى وراء الضباب الأسود ، واشتد عواء العاصفة الغاضبة ، خيل لقبطان السفينة أن يونس عليه السلام يتباطأ فى إلقاء نفسه ، فنادى مساعديه وأمرهم أن يمسكوا يونس ويطرحوه فى البحر.
وسقط يونس عليه السلام فى البحر ، فوجد الحوت أمامه سيدنا يونس وهو يطفو على الموج ، فالتقمه وهو مليم ، وتلقف الحوت يونس من جوف الهياج الجامح ، وأغلق أنيابه العاجية عليه ، وعاد الحوت إلى أعماق البحر .

فوجئ يونس بنفسه فى بطن الحوت ، والحوت يجري به فى جوف البحر ، والبحر يجري به في جوف الليل !!
تصور يونس أنه مات ، فحرك حواسه فوجد نفسه يتحرك ، إذن هو حيّ ، لكنه سجين وسط الظلمات !!
بدأ يونس يبكى ويسبح لله وبدأت رحلة العودة إلى الله وهو سجين فى بطن الحوت ، فتحرك قلبه بالتسبيح لله وتحرك بعدها لسانه وظل يردد
( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين )

وكأن الحوت قد تعب من السباحة فرقد فى قاع البحر واستسلم للنوم وبالرغم من هذا استمر يونس فى تسبيحه لله لا يتوقف ولا يهدأ ولا ينقطع بكاؤه.

- تسبيح مخلوقات البحر :

سمعت الأسماك والحيتان والنباتات وكل المخلوقات التي تعيش فى أعماق البحر صوت تسبيح يونس عليه السلام ، فاجتمعت كل هذه المخلوقات حول الحوت وراحت تسبح الله هي الأخرى ، كل واحد بطريقته ولغته الخاصة ، ومكث يونس عليه السلام فى بطن الحوت زمناً لا نعرف مقداره وظل طوال الوقت يقوم بتسبيح الله وهو يقول :
( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )

- سماع الملائكة لصوت سيدنا يونس :

قال بعض أهل التفسير: سمعت الملائكة قول يونس بن متى وهو في ظلمات ثلاث:
(لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )الأنبياء:87]
فبكوا وقالوا: يا ربّ، عرفنا الصوت، ولكن لا ندري أين يونس ؟!
الملائكة لم تعرف في أي قارة، هل هو في أفريقيا ، أم في آسيا ، أم في البحر أم في النيل أم في دجلة ؟
لكن الواحد الأحد يدري أين هو، يدري بالزمان والمكان: { عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى } [طه:52]
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [الأنعام:59].

قالت الملائكة: يا رب! صوت معروف من عبد معروف لا ندري أين مكانه ؟
قال الله للملائكة : أنا أدري

لأن صوته معروف ، كان يسبح دائماً، كان في نهاره وفي ليله يقول: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )
فعرف صوته في الملأ الأعلى وفي أعماق البحار .

- نجاة يونس :

ورأى الله سبحانه وتعالى صدق يونس فى توبته
{ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات:143-144]
فأصدر الله الأوامر إلى الحوت أن يخرج إلى سطح البحر ويقذف بيونس من جوفه عند جزيرة حددها الله للحوت ، وبالفعل أطاع الحوت.

فنجاه الله بكلمة "كن" وقذفه الحوت على اليابسة
وكان جسد يونس عليه السلام ملتهباً ومريضاً بسبب الأحماض في معدة الحوت ، وكان عرياناً ليس عليه من الملابس شيء ، وأشرقت الشمس فلسعت أشعتها جسده الملتهب فكاد يصرخ من الألم لولا أنه تماسك وعاد للتسبيح ..
فأنبت الله عليه في الحال شجرة من يقطين تقيه من أشعة الشمس ، فأكل من ثمرها، وتظلل بظلها واكتسى .
ثم شفاه الله تعالى وعفا عنه .

(فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146)

- عودته إلى قومه :

أفهم الله سبحانه وتعالى سيدنا يونس عليه السلام أنه لولا التسبيح لظل فى جوف الحوت إلى يوم القيامة
( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ)

عاد يونس -عليه السلام- بعد ذلك إلى نينوى حيث قومه، فوجدهم مؤمنين بالله -تعالى- موحّدين، فمكث معهم حيناً من الدهر، وهم على حال الصلاح والتقى
حيث قال الله تعالى:
(وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ*فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)

ثمّ حين عادوا إلى ضلالهم وكفرهم مجدّداً نزل فيهم عذاب الله -تعالى- فأخذهم جميعاً، ودمّر مدينتهم، فأصبحوا عبرةً لمن خلفهم .

وفاة يونس :
وقيل بعد ذلك في وفاة يونس -عليه السلام
أنّه دُفن قبل ساحل صيدا

#درر_النابلسي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا