يبدو ان طول القامة قد يؤدي الى مشاكل كبيرة في الحياة اليومية وايضا لفشل العلاقات العاطفية. فبالرغم من مزايا الطول فإن محمد محمد عبدالظاهر، الذي يتجاوز طول قامته 210 سنتيمترات، لا يزال يعاني من الصعوبات والمتاعب التي جلبها له هذا الطول "الزائد"، حيث يتعرض للسخرية خصوصاً أثناء سيره في الشارع، فضلا عن المشاكل التي تواجهه في الحصول على ملابس تناسب طوله الفارع، وصعوبة ركوب بعض وسائل المواصلات.
الطول فخر ولو من خشب" و"الطول هيبة والقصر عيبة" مقولتان شهيرتان ربما تنطبقان على الشاب المصري محمد عبدالظاهر الذي يتجاوز طول قامته 210 سنتيمترات، ليحصل على لقب أطول رجل في مصر رغم أن عمره لا يتجاوز 31 عاماً.
عبدالظاهر من مواليد القاهرة عام 1980، وحاصل على دبلوم معهد فني صناعي شعبة إنتاج، وعن طوله الفارع قال "طولي الزائد بدا يظهر عليَّ من المرحلة الإعدادية إذ بدأت اشعر بالفارق بيني وبين زملائي في هذه المرحلة حتى بلغ طولي 210 سنتيمترات الآن رغم أن طولي كان قبل ذلك مناسباً، ولا يزيد كثيراً على أقراني ولكن لم أستطع فعل شيء لوقف زيادة طولي فلا دخل لي في ذلك".
وأضاف "رغم أن طولي غير عادي إلا أن شقيقي أطوالهما عادية إذ لا يتجاوز طول أي منهما 170 سنتيمتراً، لكن والدي يتجاوز طوله 198 سنتيمتراً وهو أمر ورثه عن أجداده، كما أن جدتي لوالدي أخبرتني قبل وفاتها بأن جدي كان يتسم بطول فارع ويتجاوز 220 سنتيمتراً، وهو ما أضفى على شخصيته هيبة". وتابع "عرضت نفسي على الأطباء لإيجاد تفسير لحالتي وأكدوا أنني أمر بمراحل نمو طبيعية ولست مصابا بأمراض تساعد على سرعة النمو".
وعما إذا كان طوله الفارع منحه ميزة على أصحاب الأطوال العادية، قال عبدالظاهر لـ"البيان": "طولي فرض على الكثيرين من الناس احترامي حيث منحني هيبة ووقاراً، كما أصبحت أميل دائما إلى التعرف على أشخاص أكبر مني سنا". وأضاف "لكن هذا لا يمنع من وجود صعوبات ومتاعب كثيرة جلبها لي هذا الطول، مثل عدم استطاعتي ركوب بعض الحافلات لأنني لا أستطيع الوقوف بداخلها في حال عدم وجود مقعد شاغر، وكذلك التاكسيات والتوك توك أيضاً لأنني لا أستطيع الجلوس بها نظراً لطول ساقي، كما أعاني أيضا مشاكل في مترو الأنفاق فلابد أن أحني رأسي أثناء ركوبي أو نزولي من العربة حتى لا تصطدم بالأبواب لذا اضطررت إلى شراء سيارة مؤخرا حتى أذهب بها إلى عملي، وأضطر إلى تحريك مقعد السائق للخلف حتى أتغلب على مشكلة طول ساقي".
قال عبدالظاهر إن غالبية الذين يرونه للوهلة الأولى تظهر على وجوههم الدهشة، ويحاولون فتح حوار معه، وبعضهم يسخر منه ويسيء إليه، مشيراً إلى أنه تعرض ولايزال للعديد من المضايقات والتعليقات السخيفة والاستهزاء خصوصاً في الأماكن العامة من بعض الشباب الذين ينظرون إليه نظرات سخرية، ويوجهون تعليقات ساخرة بسبب طوله ولا يملك سوى الصمت والمضي في سيره لأنه لا يحب الدخول في مشاكل.
وعن المواقف الطريفة التي تعرض لها، قال عبدالظاهر "ذات يوم ذهبت إلى مركز التجنيد التابع لمنطقتي لاستخراج شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية لأنني وحيد والدي، وأثناء وقوفي في الطابور مع عدد كبير من المتقدمين انتظارا لدورهم أمام الشباك فوجئت بالضابط الجالس داخل المكتب يأمرني بقوله "انزل من على الكرسي الذي تقف عليه" اعتقاداً منه أنني أقف على كرسي كنوع من اللهو والتهريج، فأخبرته بأنني لا أقف على أي شيء، ولم يقتنع الضابط بكلامي وكرر الطلب بعصبية مرة أخرى، وأكدت له مرة أخرى عدم وقوفي على كرسي فخرج من مكتبه ووقف أمامي، وعندما تأكد من ذلك آثر التعرف عليّ وأعطى تعليمات بسرعة إنهاء إجراءات استخراج شهادتي".
وروى عبدالظاهر أحد المواقف الصعبة التي تعرض لها، قائلا "أثناء دراستي في المعهد الفني الصناعي بالمطرية في القاهرة مررت بتجربة عاطفية، ولكنها فشلت بسبب طولي الزائد، حيث رفضت الفتاة التي أحبها وأنوي الزواج منها الارتباط بي بعد أن كانت معجبة ومقتنعة تماما، بسبب سخرية زميلاتها في المعهد الذي تدرس به من طولي الزائد فأحست أن طولي صعب جدا وزائد على الحد ولا تستطيع أن ترتبط بي فابتعدت عني".
أما في المنزل فيعيش عبدالظاهر حياة هادئة طبيعية مع أسرته المكونة من زوجة تعرف عليها عن طريق الأهل وهي ذات طول عادي لا يتجاوز 170 سنتيمتراً وولدين، مؤكدا أن زوجته لم تتضايق من طوله قبل زواجه منها.
عن تجربته في العمل بمجال السياحة، قال عبدالظاهر "ذات يوم طلب مني أحد أصدقائي التقدم لإعلان نشر في إحدى الصحف عن طلب موظفين طوال القامة في أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة بحيث لا يقل الطول عن 200 سنتيمتر، وتقدمت للامتحان، ونجحت من بين أكثر من 20 شابا، وأذكر أن مدير الفندق طلب مني خلال إجراء الاختبار معي الإمساك بنجفة كانت في بهو الفندق، ونجحت في ذلك وتم تكليفي بالعمل".
وأضاف "طوال فترة عملي في الفندق التي تجاوزت 7 سنوات كنت بمثابة "علامة مسجلة" بسبب طولي، والزي التركي الذي أرتديه والطربوش الذي كان يزيد من طولي 15 سنتيمتراً، وكانت طبيعة وظيفتي تستلزم الوقوف أمام الباب الرئيسي للفندق لأكون في استقبال أي ضيف لهذا كنت لافتا للأنظار". وأكد أنه كان أطول "دورمان" على مستوى الفنادق الكبرى في القاهرة لدرجة أن معظم هذه الفنادق نقلت هذه الفكرة عن الفندق الذي يعمل به، وتعاقدت مع موظفين طوال القامة ليكونوا بمثابة شخصية تسر أنظار الوافدين والنزلاء في الفندق، مشيرا إلى أن طوله الفارع أسهم في تعرف الناس عليه وحبهم له من مختلف الجنسيات خصوصا اليابانيين والصينيين الذين كانوا يحرصون على التقاط الصور التذكارية معه أثناء إقامتهم في الفندق.
ويؤكد عبدالظاهر أن عمله في مجال السياحة كان له الفضل في ارتباطه بصداقات كثيرة مع مختلف المستويات من المصريين والعرب والأجانب، كما أصبح يجيد عدة لغات أجنبية مثل الإنجليزية والصينية واليابانية والألمانية والفرنسية والروسية، فضلا عن مشاركته في فيلم سينمائي بعنوان "الدكتور عمر"مع المطرب مصطفى قمر الذي رشحه للعمل معه في الفيلم بعد أن تعرف عليه أثناء مشاركته في إحياء حفل زفاف بالفندق، كما شارك أيضا في بعض الإعلانات التلفزيونية عن إحدى شركات التليفون المحمول.
وتوقع محمد عبدالظاهر أن يرث ابنه حمزة طول القامة عنه، حيث يقترب طوله من 100 سنتيمتر رغم أن عمره لا يتجاوز العامين، وهو يقترب من طول شقيقه الأكبر عبدالرحمن، رغم أنه يكبره في العمر بثلاث سنوات، مؤكدا أنه في حال أصبح حمزة طويل القامة مثله فسيوجهه إلى الطريق الصحيح حتى لا يعاني من طوله مثلما حدث معه بل سيجعله يستفيد من هذا الطول في ممارسة الرياضة وخصوصا كرة السلة.
الملابس والأحذية مشاكل حقيقية في حياة محمد عبدالظاهر، فهو لا يستطيع شراء الملابس الجاهزة لأن أكبر المقاسات الموجودة في الأسواق لا تناسبه، فيضطر إلى التفصيل لأن البنطلون الذي يحتاج إلى متر مربع قماش لكل الناس يكلفه نحو مترين. كما تواجهه صعوبة في الحصول على بنطلونات جينز تناسب مقاسه ولا يرتدي إلا أحذية ذات قالب معين حيث لابد أن يكون القالب عريضا يناسب مقاس قدميه البالغ 49، كما واجه مشكلة أخرى وهي مراوح السقف التي اضطر إلى الاستغناء عنها حتى لا تصطدم رأسه بها، واستعاض عنها بتركيب تكييف كما اضطر إلى تفصيل سرير عند النجار يبلغ طوله 250 سنتيمترا لوضعه في غرفة نومه حتى يناسب طوله.
farfesh