مسجد المصطفى, جامع البحر, جامع البراني, جامع بطاح, جامع العمري الكبير, مسجد حمزة, جامع الموصللي, مسجد عثمان, جامع الصديق, جامع الزعتري, جامع القدس, جامع قطيش, مسجد الشهداء, جامع أبي نخلة, جامع باب السراي, جامع المجذوب,جامع د. محمد البزري,مسجد الإمام علي بن أبي طالب

 

الجامع العمري الكبير:

تذكر المصادر الغربية،وكتب الرحالة الغربيين أن بناء المسجد العمري الكبير يعود إلى العهد الصليبي،ويشير منير خوري في كتابه ((صيدا عبر حقب التاريخ ))أن المسجد العمري بناه فرسان القديس يوحنا عام 1260 ميلادية،تكريماً لشفيعهم كما يشير الرحالة ((كونده)) إلى بناء المسجد العمري فيقول،((أذن بارونات صيدا في سنة 1260 لمنظمة فرسان القديس حنا الاستبارية ببيت المقدس أن يقيموا بيتاً للإسبتارية على الصخور المطلة على الجانب الغربي من ساحل صيدا(1) )).

نقل جميع الدارسين الذين كتبوا عن المسجد العمري الكبير.عن المصادر الغربية،فأرجعوا تاريخ بناء الجامع العمري الكبير إلى العهد الصليبي ،وأنه كان في الأصل كنيسة ثم حول المسلمون الكنيسة إلى المسجد.

نستبعد أن يكون المسجد العمري الكبير قد بنى في العهد الصليبي،أو أنه بنى ليكون كنيسة للمعطيات التالية:

أ- تذكر المصادر الغربية أن بناء المسجد يعود إلى عام 1260،بينما يذكر المقريزي أن المسلمين انتزعوا صيدا من الفرنج سنة 647هـ/1250م.((بعد حصار وقتال وتم ذلك في 25 ربيع الآخر سنة 647هـ. وتولاها من قبل الملك الناصر صلاح الدين صاحب حلب ودمشق سعد الدين بن نزار(2).

فصيدا منذ عام 1250م كما يذكر المقريزي عادت إلى السيطرة الإسلامية.ولم تعد خاضعة للصليبيين .

 ب- الدراسة التي وضعها الدكتور صالح لمعي مصطفى-استاذ التراث الحضاري الإسلامي في كلية الهندسة المعمارية التابعة لجامعة بيروت العربية- وخلص فيها إلى النتيجة التالية (أما القول بأن حرم الجامع هو مبنى الكنيسة السابق،فلا يمكن تأييده لاختلاف مسقط الصالة عن كنائس فترة العمارة القوطية المبكرة،وكذلك عن عمارة عصر الرومانسك المتأخر سواء في المقسط الاشعاعي،أو المتدرج،اضافة إلى عدم وجود حنية المذبح أو تحديد مكان الخورس(3).

1.    تاريخ صيدا في العصر الإسلامي: ص: 148.

2.    المصدر السابق، ص: 134.

3.    مصطفى، صالح لمعي، مشروع اعادة ترميم الجامع الكبير( العمري) بيروت 1983 ص:5.

ج- سألنا الأب هاني فرنسيس-راعي كنيسة المية ومية للروم الكاثوليك – بالنسبة لبناء الكنائس ،فأكد لنا أن حائط الكنيسة الشرقي يكون مغلقاً دون نوافذ،وإن كان لا بد من نوافذ ،فتكون تلك النوافذ داخلية ،وبشكل مستطيل لتوضع عليها التماثيل وصور القديسين. بينما في أعلى الحائط الشرقي من حرم المسجد نافذة دائرية الشكل.

إن المسجد العمري الكبير كان قائماً قبل دخول الصليبيين إلى صيدا،وأدلتنا على ذلك هي:

أ- لقد زار الرحالة ناصر خسرو مدينة صيدا عام 437هـ-./1047م.أي قبل بدء الحروب الصليبية بحوالي نصف قرن.وتحدث عن مسجد صيدا،فأين كان هذا المسجد،إذا أخذنا بالرويات الغربية التي تعيد بناء الجامع العمري الكبير إلى عام 1260م.

ب- تبين لنا من خلال دراسة تاريخ بناء المساجد في مدينة صيدا ومن خلال اللوحات المنقوشة في المساجد،والتي تؤرخ لبناء كل مسجد،أن أقدم مسجد في صيدا يعود تاريخ بنائه إلى عام 598هـ/1208م وهو تاريخ بناء مسجد باب السراي ،وبعد ذلك التاريخ نشطت حركة بناء المساجد في مدينة صيدا،ولقد افتتح المسلمون صيدا عام 15 هـ. فخلال هذه الفترة الطويلة التي تزيد على الخمسة قرون في أي مسجد كان المسلمون يقيمون شعائرهم الدينية.

كان المسجد العمري الكبير- في الأصل- معبداً لمدينة صيدا منذ القدم،وقد بني ليكون معبداً للشمس، ويؤكد صحة ذلك النافذة الدائرية الشكل في أعلى الحائط الشرقي من حرم المسجد والتي تسمح لنور الشمس أن يغمر القاعة.ولقد روى لنا المرحوم الحاج حسن القصير في صغرنا أن المسجد العمري الكبير كان معبداً للشمس.ثم تحول إلى كنيسة في عهد البيزنطيين ،ثم حول إلى مسجد بعد الفتح الاسلامي لمدينة صيدا،وأطلق عليه اسم الجامع العمري الكبير.نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،الذي كان خليفة المسلمين في ذلك العهد ،وانه يملك كتاباً تاريخياً في ذلك.

سألنا أولاد المرحوم الحاج حسن القصير عن الكتاب الذي كان يحدثنا عنه والدهم منذ الصغر-عندما شرعنا في كتابه هذا البحث- فكان الجواب أنهم وزعوا مكتبته على المعارف والأصدقاء.

لكننا وجدنا في كتيب لبنان،صيدا(1)،وذكر مسافر عام1831،كما أعلن آخر أن بيت العبادة الكنعاني والذي حوله المسيحيون إلى كنيسة كان يقع قريباً من الباب الشرقي لصيدا القديمة،وهذه الكنيسة تحولت إلى مسجد والمسجد العمري الكبير يقع بالقرب من باب صيدا الشرقي الذي يعرف بباب عكا.

يتضح لنا من خلال ذلك ان المسجد الكبير كان المعبد الكنعاني في صيدا .وكانت عبادة الشمس رائجة في ذلك العهد،خاصة في عهد النبي سليمان عليه السلام فقد جاء في سورة النمل ان الهدهد أخبر النبي سليمان عليه السلام أن السيدة بلقيس وقومها كانوا يعبدون الشمس ((وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله))

وكان كل فاتح لمدينة صيدا يحول ذلك المعبد الكنعاني ،إلى معبد يتوافق مع معتقده ، بعد أن يجري عليه الاصلاحات اللازمة.

وعندما دخل الإسلام إلى مدينة صيدا،حول المعبد الذي كان كنيسة إلى مسجد بعد أن أجريت عليه بعد التغييرات المناسبة ليكون المسجد الجامع في مدينة صيدا ،وعندما دخل الصليبيون مدينة صيدا.اتخذوا من هذا المسجد حصنا لهم .وأقاموا فيه ((غرفة للاقامة، وصالة للأكل وكنيسة صغيرة،وأسطبلاً للخيول وأماكن للخدمة(3) )). بعد أن أجروا بعض التوسيعات وزادوا على بنائه،واجروا بعض التغييرات الداخلية لإقامة الكنيسة،ولبناء غرف الإقامة،وقد عاد البناء مسجداً في أواخر العهد الأيوبي،بعد ان حرروا صيدا من الصليبيين.

1.    لبنان، صيدا، منشورات المجلس الوطني للسياحة في لبنان، بيروت.

2.    سورة النمل، آية: 24.

3.    مشروع إعادة ترميم الجامع الكبير( العمري)ص:4.

أقسام المسجد :

يبلغ طول حرم المسجد العمري الكبير المستند على ركائز قوية حوالي 30 متراً وعلوه حوالي عشرة امتار،وعرضه حوالي الثمانية أمتار،ينتصب في وسطه منبر من الرخام،هو آية في الجمال ،كما أن سماكة جدرانه التي تزيد على المتر تقريباً .والمؤلفة من الحجارة الرملية الضخمة تجعله بارداً في الصيف ودافئاً في الشتاء ،كما أن اختلاف احجام الحجارة في البناء تدل على أن التغييرات والزيادات التي طرأت على المسجد متعددة وترجع إلى عصور مختلفة.

أضيفت على المساجد توسعات جعلته من أكبر مساجد لبنان،كما أنه من أجملها وأبدعها.

يتألف المسجد من أربعة أقسام:

1-الحرم وله ثلاثة أبواب ضخمة من الخشب تفضي إلى البهو،وينتصب وسط الحرم منبر رخامي،وإلى يمين المنبر محراب نقش فوقه اسم الجلالة ((الله))وإلى يسار المنبر محراب آخر نقشت فوقه الآية الكريمة((كلها دخل عليها زكريا المحراب)).

2- بهو المسجد وتبلغ مساحته حوالي ضعفي مساحة الحرم وتعلوه ثلاث قباب تبدو عليها ((مظاهر العمارة العثمانية في استعمال القباب الدائرية المحمولة على مثلثات كروية في الأركان والقبوات المتقاطعة وطريقة تشكيل الأبواب.إضافة إلى المئذنة ذات الجسم الأوسط المستدير الذي ينتهي بشرفة دائرية محمولة على جسم سفلي مربع،ونهاية علوية بشكل مخروط ،كل هذا شاع في العمارة العثمانية بشكل عام(1) )).ويظهر في وسط البهو محراب صغير .

3- صحن المسجد وتبلغ مساحته مساحة البهو تقريباً وكان يتوسط هذا الصحن ((بركة دافقة مياهها عذبة رائقة ،وفي وسطها فسقية عليها قبة

(1) مشروع إعادة ترميم الجامع الكبير( العمري) ص:9.

عظيمة البنيان،وفي خارجه صفة صغيرة محكمة الأركان.وهي مشرفة على البحر العظيم،وفيها بئر ماء فيه بعض ملوحه لكنه شفاء للجسم السقيم(1) )).

4- مدخل المسجد :للمسجد مدخلان:

أ-المدخل الشمالي:وهو المدخل الأساسي للجامع ويفضي مباشرة إلى صحن الجامع ،ويبدو صحن المسجد- من المدخل الشمالي-وقد أحاطت به القناطر من جميع الجهات،أشبه بساحة الجامع الأموي في دمشق ،لكن على صورة مصغرة.

ب-المدخل الشرقي:استحدث المدخل الشرقي على بناء الجامع من الحديقة التي كانت تحيط بالجامع من الشرق والجنوب ،وقد اقتطع قسم من الحديقة وألحق بكلية المقاصد الخيرية الإسلامية،لتقيم على هذا القسم الجناح الشمالي من الكلية.وكان هناك باب صغير يصل الجامع بكلية

(1) الناباسي، عبد الغني، التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسة، تحقيق هربيرت بوسه. المعهد الالماني للابحاث الشرقية، بيروت 1971، ص: 41.

المقاصد يدخل من خلاله طلاب الكليه لأداء فريضة الصلاة،إلا أن هذا الباب سد منذ سنوات .ويمتاز المدخل الشرقي أنه يمتد على طول الحديقة التي كانت قائمة ،ويبلغ طول هذا المدخل حوالي الخمسين متراً ويزيد عرضه على الستة أمتار.

 

الاصلاحات والتوسعات :

تعرض المسجد في العصر الحديث إلى اصلاحات وتوسعات كثيرة منها:

1- في عهد السلطان عبد المجيد خان عام 1265هـ- الذي أجرى بعض الترميمات وأجرى بعض التوسعات على بهو الجامع. بعد أن تعرض المسجد إلى بعض  الأضرار من جراء الأنواء البحرية الشديدة في عام 1235 هـ \ 1820م. كما يرجح أن يكون قد تعرّض إلى بعض الإصابات نتيجة للضرب الذي تعرضت له المدينة من الأسطول الانجليزي والنمساوي عام 1840م(1) )).

وقد أرخ لهذه الإصلاحات الشيخ يوسف الأسير (1230هـ-1307)(1815-1890) بأبيات شعرية نقشت فوق باب الحرم الأوسط وهي:

لله مسجدنا المشهود بالعمري                مشهوداً بأنواره يزهو على الدهر

يا جامعاً نوادٍ ومنتزها                           ومعبداً مبعد الغم والكدر

ذو المجد والجد والجدوى مجدده           عبد المجيد مليك البدو والحضر

من آل عثمان زاد الله دولته                 نصراً وزاد له ذو العرش في العمر

وقال يوسف في شطر يؤرخه              سعداً لجامعنا المشهود بالعمري(2)

2- في عهد السلطان عبد العزيز ،جرت اصلاحات أقامتها خوشيار هانم والدة خديوي مصر اسماعيل باشا في عام 1278هـ/1870م ويبدو أن المسجد قد تعرض للتصدع نتيجة الأنواء العجرية،فرمم وأرخ لذلك الترميم على

1.    مشروع اعادة ترميم الجامع الكبير(العمري)ص:5.

2.    راجع ديوان الشيخ يوسف الأسير، بيروت، المطبعة اللبنانية، لا تاريخ ص:58 

المدخل الرئيسي للمسجد ،وجاء في اللوحة المنقوشة فوق الباب الشمالي للمسجد .

ان مسجد الفاروق أعظم بهجة                  بمن أخلصت لله في السر والنجوى

فاعنى بها أم الخديوي من به                   قد استمسك الإسلام بالسبب الأقوى وامه خير الرسل زاد افتخارا                  وقالت به غراً ونصراً كما تهوى

ومصر تبارت في وجود عزيزها            وفي ................المأوى

هو الشهم اسماعيل ذو الفضل والعلى       هو النعمة الكبرى والغاية القصوى

بدولته اقامت شعائر مسجد                    له أرخوا قد أسسه على التقوى

3- في عهد السلطان عبد الحميد خان عام 1312هـ/1893م. بعد أن طغى البحر على القسم الغربي من المسجد ،وتصدع ذلك القسم،ولا تزال آثار هذا التصدع ظاهرة في حرم المسجد،من خلال الفروقات في حجارة الحرم.((وكانت الدولة العثمانية –بسبب الأوضاع التي تمر بها-قد تلكأت في ترميم المسجد ،فتبرع المطران حجار-مطران الروم الكاثوليك في صيدا –بالذهاب إلى إسلام بول-مركز الإسلام- اسطنبول ،ليطلب من السلطان عبد الحميد اعادة بناء المسجد،وقد لقي المطران حجار كل ترحيب في عاصمة الخلافة الإسلامية وحادث السلطان في شأن المسجد ،وفي شأن بناء كنيسة الروم الكاثوليك في صيدا،في منطقة الشاكرية .فتبرعت الدولة العثمانية ب 300ليرة ذهبية لاعادة بناء القسم الغربي من المسجد ،وب 300 ليرة ذهبية لبناء الكنيسة فعاد المطران إلى صيدا ،واشترى الأرض في منطقة الشاكرية من آل القطب.لبناء كنيسة الروم الكاثوليك ،واعيد بناء القسم الغربي من المسجد(1) .

(1) حديث مع الحاج عز الدين الزين.

وقد نقش فوق باب الحرم الشرقي عبارة تدل على هذا التجديد،جاء فيها:

جدد هذا الجامع الشريف حضرة مولانا أمير المؤمنين السلطان الغازي عبد الحميد خان بن السلطان الغازي عبد المجيد خان 1312هـ.

4-عام 1975،حين قامت دائرة الأوقاف الإسلامية في صيدا بالتعاون مع وزارة السياحة بقشر الورقة الترابية من الحجر الرملي ،وأزالت بركة الوضوء،التي كانت تقوم في الطرف الشمالي الغربي من المسجد ،والتي كانت تمتاز ببرودة مياهها أيام الصيف ،كما أزيلت الغرفة الشرقية ،التي كانت عند مدخل المسجد الشرقي ،والتي كانت مخصصة لاستقبال الضيوف،وكان مفتي صيدا يستقبل فيها المهنئين في المناسبات الإسلامية ،وألحق كل ذلك بالمسجد فاتسعت مساحة بهو المسجد ،وشيد مكان الوضوء خارج المسجد من ناحية الشمال واتبع بالمسجد .

5-في حزيران عام 1982 تهدمت أجزاء كثيرة من المسجد خاصة الحرم من جراء قصف الطيران الاسرائيلي للمسجد .وتتولى المؤسسة الإسلامية للتعليم العالي في صيدا،إعادة ترميم المسجد بالتعاون مع شركة أوجيه لبنان .((كان يعلق على باب المنبر سيف يحمله الخطيب عندما يصعد المنبر ليخطب لكن هذه العادة ألغيت بعد وفاة امام وخطيب المسجد الشيخ جلال الدين عام 1947(1) )).كما لايزال يرتفع عن يمين وشمال المنبر علم الطرق الصوفية بلونه الأخضر ،وقد خط على كل من العلمين بسم الله الرحمن الرحيم،لا اله إلا الله محمد رسول الله ،نصر من الله وفتح قريب.

يقع المسجد العمري الكبير داخل مدينة صيدا القديمة،في منطقة ضهر المير قرب كلية المقاصد الخيرية الإسلامية ،على تلة مرتفعة تشرف على البحر من جهة الغرب.

أوقاف المسجد:

أوقاف هذا المسجد هي: 

1-القسم واحد من العقار 31 ميناء الحصن في بيروت ،1400 سهم.

2-الأقسام 36و48و49 من العقار رقم 252 مدينة صيدا.

 

دليل معالم صيدا الاسلامية

د. عبد الرحمن حجازي