×

وثيقة شعبية حول حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

التصنيف: مخيمات

2019-07-25  11:13 ص  210

 

 

مقدمة

الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل بحق العمال الفلسطينيين، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية والحرفية الفلسطينية، اتخذت طابع التضييق من خلال العودة إلى تطبيق قوانين تتعامل معهم كأجانب.
تأني هذه الإجراءات في لحظة سياسية تتصاعد فيها الضغوط على الشعب الفلسطيني بهدف إرغامه على القبول "بصفقة القرن" التي تستهدف تصفية الحقوق الوطنية لهذا الشعب، وفي مقدمتها حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم.
ولا يخفى أن إجراءات وزارة العمل من شأنها التسبب بالمزيد من تضييق مجالات العمل والعيش أمام اللاجئين، وإرغامهم بالتالي على الهجرة إلى أي مكان في العالم قد يفتح فرصة للحياة أمامهم. وهو ما يصب في اتجاه القضاء على حق العودة من خلال تشريد الكتلة الأكبر من اللاجئين في أصقاع الأرض، أو توطين من يتبقى منهم.
كما تأتي هذه الإجراءات في ظل محاولات بعض الأوساط في لبنان التغطية على مسؤولية السلطة السياسية عن الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة، وعن مشكلة البطالة المتصاعدة بين الشباب اللبناني، من خلال إلقاء هذه المسؤولية على اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.

لقد أدت تلك الإجراءات إلى توترات ومضاعفات سياسية، وإلى تحركات شعبية احتجاجية شملت عدة مناطق. كما نتج عنها خسائر اقتصادية لا يستهان بها.
ومن المؤكد أن الحكومة هي التي تتحمل المسؤولية عن كل ماجرى. وهي مطالبة بالاجتماع سريعاً لإقرار العودة عن الإجراءات، ومعالجة تداعياتها، والعمل من أجل إقرار الحقوق المشروعة للإخوة اللاجئين.

أولاً: المنطلقات والأسس

تنطلق حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من اعتبارات وطنية وسياسية واجتماعية، كما ترتكز على أسس إنسانية وقانونية عالمية. ومن أبرز هذه المنطلقات والأسس.

1- أصول الاستضافة لأبناء شعب شقيق أجبروا على القدوم إلى لبنان منذ 71 سنة، والإقامة فيه بعد طردهم من قبل العدو الصهيوني الذي احتل وطنهم، واقترف جريمة التهجير للسكان المدنيين، وتدمير القرى، وارتكاب المجازر الجماعية.
ومن المهم الإشارة إلى أن الغالبية الكبرى من اللاجئين الحاليين قد ولدوا في لبنان، كما تربطهم علاقات عائلية واجتماعية واسعة مع إخوانهم اللبنانيين. وهم على الصعيد الاقتصادي يمثلون جزءاً لا يتجزأ من الدورة الاقتصادية في لبنان.
كما ينبغي التشديد على أن اللاجئين سيستمرون في الإقامة في لبنان حتى العودة إلى وطنهم، مع التأكيد على رفض مؤامرة التوطين من جهة، ورفض مؤامرة التهجير والتشريد من جهة أخرى.

2-  التزام لبنان بالقضية الفلسطينية، وتأييده للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومن بينها حق العودة، يفرضان عليه دعم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه. كما يفرضان عليه أيضاً توفير الظروف الملائمة، على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، للإخوة اللاجئين من اجل القيام بدورهم في هذا الكفاح.
ومما لا شك فيه أن الإجماع اللبناني الفلسطيني على التمسك بحق العودة ورفض التوطين يشكل عاملاً مهماً في تعزيز التعاون والتكامل في هذا المجال.

3- الشرعة العالمية لحقوق الإنسان وموادها المتعلقة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية، بالإضافة إلى الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين، هي أيضاً من الأسس التي يتوجب أن تقوم عليها حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

4- بروتوكول الدار البيضاء لعام 1965 الذي صادق لبنان على معظم بنوده. فذلك البروتوكول ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم؛ في إقامتهم، وسفرهم، وتيسير فرص العمل لهم، مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية.

ثانياً: اللاجئون الفلسطينيون بين واقع الحرمان من حقوقهم والتعديلات القانونية المطلوبة للوصول إليها 

هناك في لبنان من يروّج لفكرة وهمية مفادها أن حصول الفلسطينيين على حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يمهّد لتنفيذ مؤامرة التوطين، بينما في الحقيقة العكس هو الصحيح. فحرمانهم من حقوقهم، وما يسبب لهم هذا الحرمان من معاناة لا تحتمل، من شأنه مضاعفة آثار الضغوط التي تمارس ضدهم بهدف دفعهم للتخلي عن حق العودة والقبول بالتوطين، أو دفعهم نحو الهجرة إلى مختلف أنحاء العالم. في حين ان تحسين الظروف التي يعيشون فيها، من خلال توفير الحقوق الأساسية لهم، من شأنه مساعدتهم على الصمود حتى تحقيق العودة. لذلك من الضروري تأمين هذه الحقوق مع الاحتفاظ بالهوية الفلسطينية ورفض التجنيس.
 ولا يخفى أن إعطاء الدولة اللبنانية للاجئين حقوقهم يتطلب إجراء بعض التعديلات القانونية التي من شأنها وضع حد للتعامل معهم كما يجري التعامل مع أي وافد عربي، أو أجنبي.
ولا بد لهذه التعديلات من لحظ خصوصية وضعهم على مختلف الصعد، بما فيها الصعيد القانوني الذي ينبغي أن يتضمن ما يؤكد ضرورة معاملتهم كالمواطنين اللبنانيين، باستثناء الجنسية، وحق الانتخاب، والعمل في الوظائف العامة.  
في ما يلي استعراض لبعض الحقوق التي يحرم منها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، وللتعديلات القانونية المطلوبة لكي يمكن له الحصول على هذه الحقوق.

1- حق العمل

وزارة العمل اللبنانية تراعي اعتبارين أساسيين في منح إجازة العمل للأجنبي، بمن في ذلك الفلسطيني:

- أولوية اللبناني على غيره من الأجانب.

- مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل، مع الإشارة إلى أن القانون 129 الذي صدر سنة 2010 قد أعفى الفلسطيني من هذا الشرط في ما يتعلق برسم إجازة العمل فقط.
ومن المعروف أن إجازة العمل لا تعطى إلا للأعمال التي لا يقوم بها اللبناني، وإلا حيث لا توجد كفاءات لبنانية لامتهانها.

وقد أصدرت وزارة العمل سنة 1982 القرار 189 الذي قضى بمنع الفلسطينيين من ممارسة أكثر من 60 مهنة.
وعام 1983 صدر قرار بمنع جميع الأجانب من مزاولة 75 وظيفة. كما جرى التجديد لهذا القرار في 19 كانون اول من عام 1995.
غير أن الوزير طراد حمادة أصدر مذكرة، بتاريخ 7/6/2005، يجيز فيها للفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية، العمل في المهن المختلفة. لكن المذكرة على الرغم من أهميتها وجرأتها لم تكن شاملة، فهي لم تجز للاطباء ولا للمهندسين أو المحامين العمل بشكل قانوني.
أما الإجراءات الأخيرة لوزير العمل الحالي كميل ابو سليمان، تحت عنوان تطبيق القانون، فإنها تعني التعامل مع العامل الفلسطيني كأي عامل أجنبي، وتؤدي للتضييق على العمال وأصحاب المؤسسات الفلسطينيين بشكل كبير.
في المقابل ، إذا استطاع الفلسطيني الحصول على عمل، من دون أن تكون لديه إجازة عمل، فإنه يصطدم بمزاجية أرباب العمل لناحية حرمانه من حقه في الضمان الاجتماعي والتعويض والأجر القانوني، ويبقى معرضاً للفصل التعسفي في أية لحظة بدون أي غطاء قانوني.( القانون 128 الصادر سنة 2010 اعطى العامل الفلسطيني حق الاستفادة من فرعي طوارئ العمل، وتعويض نهاية الخدمة، وحرمه من فرعي المرض والأمومة، والتعويضات العائلية).

أما حملة الشهادات العلمية فمشكلتهم لا تختلف كثيراً عن كل ما سبق.

لكل ذلك لا بد من إجراء التعديلات القانونية اللازمة في ما يتعلق بعمل الفلسطينيين بالاستناد إلى المنطلقات والأسس التي سبق ذكرها، بما يكفل:
- إلغاء شرط الحصول على إجازة عمل.
-إلغاء المنع من ممارسة مهن معينة.
- حق الانتساب إلى كل فروع الضمان والإفادة من تقديماتها.
- حق ممارسة المهن الحرة
.
- الحق بإقامة مؤسسات اقتصادية تجارية وصناعية وغيرها.

2- حق المسكن

بحكم النمو الطبيعي للسكان تضاعفت أعداد اللاجئين عدة مرات منذ العام 1948 حتى اليوم.
غير أن المخيمات قد بقيت على المساحة ذاتها منذ عام 1948 حتى اليوم رغم النمو السكاني.
ولا تخفى الأوضاع السيئة للمساكن والبنى التحتية والخدمات العامة في المخيمات، ومن بينها الطرقات والمياه والكهرباء، بالإضافة إلى النفايات والصرف الصحي. فضلاً عن ذلك يتطلب ترميم أي بيت، أو بناء منزل جديد في المخيم، الحصول على ترخيص من مخابرات الجيش.
ويقع على عاتق الدولة اللبنانية، ومنظمة الأنروا، ومنظمة التحرير الفلسطينية، واجب العمل على تحسين ظروف السكن والعيش في المخيمات. كما أن الأجهزة اللبنانية المعنية مطالبة بتسهيل إدخال مواد البناء إلى هذه المخيمات.
3- حق الملكية العقارية

استثنى القانون رقم 296 الذي أقره مجلس النواب في 21آذار 2001 اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من شروط الملكية العقارية المطبقة على سائر الرعايا العرب بذريعة رفض التوطين.
لقد أصاب هذا القانون الفلسطينيين في الصميم، وترك آثاراً اقتصادية واجتماعية وسياسية سيئة على الفلسطينيين في لبنان. فالدولة اللبنانية لم تقيد حق الفلسطيني في التملك فقط، بل منعته منعاُ كاملاُ.
والمطلوب تقديم اقتراح لتعديل الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 296 المعروف ب "اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان " لكي تصبح على الشكل التالي:
"لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، يستثنى من ذلك الفلسطينييون المقيمون في لبنان والمسجلون لدى وزارة الداخلية اللبنانية."

4- حق إنشاء الجمعيات

حق إنشاء الجمعيات محظور على الفلسطينيين، ويقتصر الأمر على مؤسسات لبنانية تعمل داخل الوسط الفلسطيني. كما أن الفلسطيني ممنوع من تشكيل النقابات، أو الانتساب إلى النقابات اللبنانية، أو امتلاك وسائل إعلام.
من المهم إجراء التعديلات القانونية اللازمة لتجاوز هذا الحظر.

5- حرية التقاضي

لايتمتع الفلسطيني بالمعونة القضائية التى يتمتع بها اللبناني الذي يعجزعن تحمل تكاليف المحاماة والمقاضاة .
 ويعتبر السجين الفلسطيني أجنبياً من نوع خاص. فبعد أن يقضي محكوميته في السجن يتم نقله إلى سجن الأمن العام، على اعتبار أنه أجنبي، كي يتم التحقق من إقامته الصحيحة في لبنان. وغالباُ ما تكون فترة التحقق طويلة قد تستغرق شهراً في بعض الأحيان.
من هنا ضرورة المطالبة بمساواة الفلسطيني باللبناني لجهة المعونة القضائية، ومنع أي تمييز ضد السجين الفلسطيني.

6- الضرائب

يدفع الفلسطينيون للخزينة اللبنانية الضرائب والرسوم نفسها المفروضة على اللبنانيين، إلا أنهم لا يستفيدون في المقابل من غالبية الخدمات. الأمر الذي يدعو للمطالبة بإفادتهم من الخدمات التي تقدمها الدولة بالنظر لخصوصية طبيعة تواجدهم في لبنان.

7- القيود الإدارية

لا يعتبر الفلسطينيون كبقية الاجانب في لبنان في المجال الإداري، إنما يخضعون لقيود خاصة في النواحي التالية:

أ- البطاقات الشخصية

على كل فلسطيني أن يحصل على بطاقة شخصية خاصة بالفلسطينيين. أما الفلسطينيون غير المسجلين أثناء الإحصاء الرسمي للعام1951 ، ولا يملكون بطاقات شخصية، فيعتبر وجودهم في لبنان غير شرعي.

بـ -  وثائق السفر

تمنح هذه الوثائق من قبل الأمن العام للاجئين للسماح لهم بالسفر. غيرأن أذونات وجوازات السفر لا تعطى إلا بشروط معينة.

لذلك تنبغي المطالبة بتسهيل إجراءات حصول اللاجئين الفلسطينيين على البطاقات الشخصية ووثائق السفر. بالإضافة إلى استبدال البطاقات الحالية ببطاقات ممغنطة مثل التي يحصل عليها اللبناني. وذلك بهدف منع احتمالات التزوير، وبالتالي تسهيل التدقيق بها من قبل الحواجز والأجهزة الأمنية.

8- حق التظاهر والاعتصام السلمي

لا يتضمن القانون اللبناني، كما لا تتضمن قرارات وزارة الداخلية اللبنانية، ما يسمح للفلسطيني بالاعتصام أوالتظاهر. وذلك على الرغم من أن حق التظاهر والاعتصام للتعبير عن الرأي في القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية والمهنية والاقتصادية هو من أسس الديمقراطية.
أما الاعتصامات والاحتجاجات التي يقوم بها الفلسطينيون في لبنان في مختلف الأماكن فتجري بحكم الأمر الواقع، وبعد التنسيق مع الأجهزة الأمنية. لذلك من المهم أن يصبح حق التظاهر والاعتصام شرعياً وتحت رعاية القانون.

9- حق التنقل

في ما يتصل بمعيقات حرية التنقل والتحرك من الضروري الإشارة إلى أن سكان المخيمات الرسمية الواقعة في الجنوب، على مسافة معينة من الحدود، يعيشون في شبه حالة حصار مفروض من قبل قوى الأمن. يضاف إلى ذلك أن حرية الحركة في مخيمي عين الحلوة والمية ومية ليست متاحة بشكل طبيعي، فضلاً عن أن الإجراءات الأمنية المشددة المفروضة على مداخل المخيمات وحولها تشكل إعاقة للتنقل بشكل سلس. الأمر الذي يستدعي المطالبة بتسهيل حركة التنقل لسكان المخيمات في الجنوب وفي سائر المناطق.

ثالثاً: لنعمل من أجل حصول اللاجئين على حقوقهم

الشرارة التي اشعلت التحركات الاحتجاجية في المخيمات، كما أدت إلى إطلاق المواقف والتحركات التضامنية في عدة أماكن، كانت إجراءات وزارة العمل في التضييق على العمال والمؤسسات الاقتصادية الفلسطينية. غيرأن التحركات الاحتجاجية المشار إليها ليست نتيجة الإجراءات الأخيرة لوزارة العمل فحسب، بل هي في الحقيقة ردة فعل على ممارسات التضييق والحرمان من الحقوق البديهية الأساسية على امتداد سنوات. لذلك لم تكتف الاحتجاجات بالاعتراض على الإجراءات الأخيرة، ولا بالمطالبة بحق العمل فحسب، بل طالبت أيضاً بسائر الحقوق الأخرى، وأعادت تسليط الضوء على الأوضاع الحياتية المزرية التي يعيش فيها اللاجئون، كما أثارت من جديد ضرورة العمل من أجل تحسين هذه الأوضاع.
ومن المؤكد أن رفع الظلم والحرمان عن الإخوة اللاجئين والعمل من أجل تحسين أوضاعهم يستدعيان وضع برنامج عمل والسعي من أجل تنفيذه. ولا بد لهذا البرنامج أن يتضمن تحديد المطالب وأولوياتها، وتعيين أساليب التحرك المناسبة، وتشكيل أطر التعاون والتنسيق بين القوى والهيئات والتجمعات الفلسطينية واللبنانية المعنية. فضلا عن التعاون والتكامل مع كل الأطر والهيئات واللجان المهتمة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين على مختلف الصعد وفي سائر المناطق، والاستفادة من الدراسات وأوراق العمل والبرامج التي سبق وضعها.
ونحن نأمل أن تساعد هذه الوثيقة الشعبية على إطلاق حوار مثمر، وبناء برنامج عمل جدي ينخرط فيه كل المهتمين والمشاركين في الحراك، والقيام بسعي مشترك جاد يهدف إلى تنفيذ برنامج العمل وتحقيق المطالب.

تموز 2019

اللقاء السياسي الشعبي اللبناني الفلسطيني
في صيدا
    

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا