×

التبرع بالأعضاء في لبنان

التصنيف: الشباب

2009-10-22  06:54 ص  4767

 

 رانيا حمود

تنتشر ظاهرة زراعة الأعضاء في لبنان إلا أنها لاتزال تشكّل الكثير من الجدل، بحسب المنسقة الوطنية للجنة زرع الاعضاء والانسجة البشرية في لبنان فريدة يونان، التي أشارت في حديث لـ"العربية.نت" الى أن الصعوبات التي اعترضت عمل اللجنة كثيرة، ولكن بفضل التوعية، تغيرت آراء الناس.

وقالت فريدة يونان لـ"العربية.نت": "أجرينا العديد من الاحصاءات لمعرفة مكامن الخلل في المعرفة عند الناس. واتضح أن العامل الديني يشكل الحاجز الاكبر أمام تقدم هذا العمل الفضيل. وقد نظمنا الكثير من الندوات ومحاضرات التوعية في المدارس والجامعات والمؤسسة العسكرية بالاضافة الى حملات التوعية عبر الاعلام المرئي والمسموع ومساعدة رجال الدين لشرح المفهوم الفعلي لعملية وهب وزراعة الاعضاء ببعدها الانساني".

وعن نسبة الاشخاص ذوي النية الحسنة للتبرع -أي من يملأ استمارة لذلك-" فإن عددهم حتى الآن 2101 شخص. ولكن هناك فرقاً بين الواهب الحقيقي والمفترض. فالمتبرع الفعلي هو من وهب عضواً من أعضائه أما من يملأ طلب استمارة لذلك فهو من يملك النية لذلك. وهناك 150 واهباً فعلياً وحقيقياً، بحسب يونان، التي قالت إن مشكلة الوهب في لبنان تصطدم بالعامل الديني لدى معظم الفئات علماً أن مختلف الاديان لا تعارض وهب الاعضاء. لأن الدين محبة ولا يمكن أن يكون ضد الحياة".

وتتبع اللجنة الوطنية لزرع الأعضاء والانسجة البشرية في لبنان لوزارة الصحة.
ومن الحالات اللبناني سليم عبيد، حيث بدأت معاناته منذ عام 1983 عندما تعرض لأزمة قلبية اضطر على إثرها للخضوع لعملية تركيب بطارية لعضلة قلبه وتغييرها حوالي كل ثلاث سنوات. إلا أن قلبه الضعيف تعب فطلب منه طبيب القلب في أحد مستشفيات بيروت ضرورة الخضوع لعملية زرع قلب.

"وهنا انقلبت حياتي رأساً على عقب"، على حد قول سليم عبيد، و"أصبحت أعيش منتظراً اللحظة التي سأفارق فيها عائلتي وأحبائي، بعدما وضع اسمي على لائحة الانتظار لزرع قلب لمدة قاربت ثلاث سنوات كنت اصارع فيها يومياً لحظات الموت".

"وفي 10 أيلول (سبتمبر) 2006 اتصل بنا طبيب القلب ليخبرنا بأن هناك شخصاً من بلدة عجلتون يريد أن يوهب قلبه وهو في حالة الموت الدماغي" يقول عبيد لـ"العربية. نت"، مؤكداً أنه لا يستطيع أن يصف شعوره في تلك اللحظات، "فكأنني خلقت من جديد. فقد انتقلت من الموت الى الحياة بفضل إرادة الله وقدرته وبفضل هذا الشخص الواهب وعائلته التي لا أستيطع أن أنقل لها أنا وعائلتي وأولادي إلا محبتي وشكري وامتناني".

شعور سليم عبيد، مواليد 1954 شمال لبنان متزوج وله ثلاثة أولاد، يختزل شعوراً كثيراً من المرضى عانوا ولايزالوا بانتظار من يهبهم عضو من أعضائه ليستطيع أن يكمل مشواره حياته، إلا أن معاناته مع انتظاره لمدة طويلة للحصول على قلب يناسبه، يعكس واقعاً كئيباً لعملية وهب الأعضاء في لبنان.

فتشير الاحصاءات الى أن نسبة كبيرة من اللبنانيين يرفضون وهب أعضائهم او الموافقة على وهب أعضاء ذويهم، وأسباب الرفض تتنوّع بين الخوف من التشويه أو من ردة فعل الأهل أو الألم، إلا أن السبب الأساسي هو اعتقادهم بأن ذلك يتنافى مع تعاليمهم الدينية، ما يعكس نقصاً في المعرفة على رغم جهود التوعية المتواصلة التي تقوم بها اللجنة الوطنية لزرع الاعضاء والانسجة البشرية في لبنان برئاسة وزارة الصحة وبمعاونة رجال الدين ووسائل الاعلام والجمعيات الاهلية.
وبحسب المنسقة الوطنية للجنة زرع الاعضاء والانسجة البشرية في لبنان فريدة يونان: "لقد سجل زيادة في عدد الاشخاص الذين يتصلون بنا للمساهمة في تقديم محاضرات توعية حول هذا الموضوع، إضافة الى تسجيل زيادة في عدد الذين يوقّعون استمارات لدى الجمعية يوصون فيها موافقتهم على وهب أعضائهم او جزء من أعضائهم. إلا ان هذا التقدم بقي خجولاً، ولم يطرأ تحسن على نسبة الوهب الفعلي".

وعن المشاكل التي تعترض عمل اللجنة تقول يونان: "المشكلة لا تقتصر فقط على العدد القليل للمتبرعين ولكن هناك مشكلة اخرى وهي تنفيذ القرار الرقم 98/1 الصادر عن وزارة الصحة في عام 2005 والذي ينص على ان وزارة الصحة تعين مسؤولاً منسقاً في كل مستشفى لديه مركز انعاش وطوارئ ويتولى المنسق مهمة الاعلان المبكر والتبليغ السريع عن كل حالات الوفاة الدماغية للجنة. ما سيساعده على استحداث سجل لكل الوفيات ويحدد عددها وأسبابها وعدد الواهبين الفعليين والمحتملين".
 
 

وفي محاولة لاستطلاع آراء المراجع الدينية حول هذا الموضوع، تحدثت "العربية.نت" الى رجل الدين المسيحي لويس خوند، الذي أكد "أن الكنيسة تشجع وهب الاعضاء، فحرام ان تدفن هذه الاعضاء تحت التراب وهي تستطيع ان تبقى حية في اجسام آخرين بحاجة لها. كقرنية عين او قلب او كلية او انسجة".

ومن جهته، أكد عضو تجمع علماء المسلمين، الشيخ حسن غدريس ان الدين الاسلامي لا يمانع وهب الاعضاء سواء من ميت الى حي، او من حي الى حي، في ظل شرط أن لا يؤثر ذلك في حياته.

أما بالنسبة للوهب أعضاء الميت، طبعاً، لا مانع من ذلك، بحسب الشيخ غدريس الذي يؤكد أن الاسلام يشجع ويرى ان الوهب عملية انسانية على القاعدة القرآنية الكريمة: "ومن أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً"، وبالتالي لا يختلف الفقهاء على مبدأ وهب الاعضاء، وفي حال أوصى أحد الاموات بوهب اعضائه بعد الوفاة لمن يستحقون او يستفيدون وكانوا بحاجة لذلك فلا مانع من اعضائه، وعليهم أن يطبقوا ويحترموا وصيته".

ويشير الموقع الالكتروني للجنة الوطنية لوهب الاعضاء في لبنان الى أن الواهب الحي يمكن أن يهب عضواً (كلية واحدة، نصف كبد، نصف بنكرياس أو رئة واحدة) أو النخاع العظمي. أما الواهب المتوفى، موت دماغي مع المحافظة الاصطناعية على الدورة الدموية يستطيع أن يهب: قلباً، كليتين، رئتين، كبداً، بنكرياساً، قرنيتين، عينين، الأوعية الدموية، صمامات، جلداً، نخاعاً عظمياً، أمعاء وعظماً. وبعد توقف القلب والتنفس يستطيع ان يهب: قرنيتين، عينين، أوعية دموية، صمامات، جلداً، أمعاء وعظماً. ومن الأفضل أن تبقى هوية الواهب مجهولة، لأن الوهب ليس له هوية ولا جنس ولا مذهب ولا عرق.

ويبدو أن قرار الوهب صعب جداً، بحسب د. جان عروق، الذي وافق على وهب اعضاء زوجته ( القلب، الكليتين، القرنيتين، والكبد).

ويقول لـ"العربية.نت": "عندما توفيت زوجتي موتاً دماغياً، فكّرت مليّاً، وتذكرت أنها كانت تحب أن تهب أعضاءها بعدما كانت تمنت لو تستطيع أن تهب رئتيها لوالدتها التي عانت من المرض".

ولفت د. عروق الى أن "صعوبة أخذ القرار كانت من قبل ابني الاصغر لأنه لم يكن يعلم أن أمه دخلت في الموت الدماغي ولن تستطيع أن تحيا. فكان لديه أمل في عودة والدته الى الحياة. وقد حلّت العقبة عندما أدرك ما معنى الموت الدماغي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا