×

الزواج الالكتروني استثمار في الشروخ الاجتماعية

التصنيف: المرأة

2009-10-24  11:22 م  1457

 

 

هل سئمت كل الوسائل التقليدية ولم تعد قادراً على أن تصبر إلى حين ظهور شريك العمر في محيطك؟ بلا أي مجهود وأنت أمام شاشة الكومبيوتر، كبسة زر واحدة توجهك الى احد مواقع التعارف للزواج عبر الانترنت. العديد من الأشخاص والبيانات والمواصفات أمام عينيك لتبحث وتختار ما يلائم رغباتك وتطلعاتك ونظراتك.

"تشكيلة" من راغبي⁄ راغبات الزواج

تدخل أحد تلك المواقع التي تعلن انها توفر أكبر "تشكيلة" من الشركاء المحتملين للزواج بملفات وصور عالية الجودة و"معايير" اخلاقية مفروضة لضمان مناخ آمن ودعم فني على مدار الساعة، وما عليك سوى أن تملأ استمارتك بالمعلومات المطلوبة عن بياناتك الشخصية وتضع لائحة بالمواصفات التي تطلب توفرها لدى الشخص الآخر من مقومات جسدية، عاطفية ومادية أو جمالية وتجول بين الآلاف "الموديلات" لعلك تجد⁄ تجدين من يتطابق مع احتياجاتك. ومن يدري، ربما نشهد قريباً إصدار "كاتالوجات" تواكب أحدث الموديلات العصرية لشريك العمر.

ذكور

"إنسان غير عادي عاش الحياة كما لم يعشها أحد، تزوج وطلّق وما زال هائماً يبحث عن أنثى فيها كل المتناقضات،" هكذا يعرف أحد المشتركين عن نفسه، بينما يبحث آخر عن جليس يؤنس وحدته...

أما أحدهم، فيطلب زوجة ثانية قادرة على التكيف مع الواقع والتعايش مع عائلته، مشيراً أن مستواه المعيشي اعلى من المتوسط، ومؤكداً أنه سيوفر لسعيدة الحظ جميع حقوقها من دون تقصير مشترطاً أن تكون متعلمة، خلوقة، جميلة وهادئة الطباع.

وإناث

أما "بنت الحلال" فتفتش عمن يحبها ويحترمها بعد أن فقدت الأمل في أن تتصيد الشريك المناسب. وأخرى تعلن بكل بساطة عن رغبتها بزواج مسيار وتبحث عمن يسترها، داعية أعضاء الموقع ألا ينتقدوها و"يخربوا الموضوع" بـ"كلام فاضي"، ويدعوا لها بالتوفيق والستر، وتختم ملفها بعبارة "خير الكلام ما قل ودل!".

"عاشقة الليل" انسانة جدية تتميز بالصدق والرومانسية، من عائلة محافظة، وما زالت تتابع دراستها الجامعية ولكن لا مانع لديها من الزواج بالرجل المناسب بمدخول شهري تحدد قيمته على قائمة متطلباتها، معربة عن استعدادها للتفرغ لزوجها ومنزلها في حال عثرت على رجل الاحلام المنتظر...

زواج معولم

ونظراً للتطورات العالمية في مجال الانترنت، انتشرت ظاهرة مثيرة للانتباه واستحوذ "الزواج المعولم" على اهتمام الكثير من الشبان والفتيات الباحثين عن شريك العمر، واندرج ذلك على رأس وسائل جديدة تواكب العصر وتتمثل من خلال مواقع يقدم بعضها عناوين المأذونين‏، ويرد على استفسارات الراغبين في الزواج‏، والبعض الآخر يقدم وثيقة زواج للراغبين في الارتباط تماثل وثيقة عقد القران، كما يوجد فيها خانة للشهود‏.‏

تروج بعض هذه المواقع لعلماء "روحانيين" يمكن اللجوء اليهم "لجلب الحبيب" او الاستشارة في القضايا الزوجية وتخصّص أخرى للاستخدام الشخصي فقط، وترجو من الخاطبات عدم التسجيل بسبب عدم توفر نظام خاص بهن في الموقع.

وأغرب ما قد تشهده وأنت تجول في ذلك العالم الالكتروني "الواسع الأفق"، وجود رقم هاتف مخصص "لإجراء عقود الأنكحة".

وتتخذ بعض هذه المواقع صبغات "إسلامية" تحت شعارات وعناوين مختلفة في الإعلان عن خدماتها بهدف زيادة الثقة والجاذبية، مما دفع البعض الى اعتبارها وسيلة مناسبة لتوفير الوقت وتوسيع نطاق البحث وزيادة الخيارات خاصة لأبناء الجاليات الإسلامية في الغرب.

الدفع مقدماً

بعض هذه المواقع مجانيٌ، والبعض الآخر يتخذ منحى استثمارياً بطرح التسجيل في الموقع عبر دفع مبالغ عن طريق الفيزا أو الماستر كارد.

وتسهيلاً لمرتادي هذه المواقع، فإن بعضها يقبل السداد عبر بطاقات مسبقة الدفع لشركات الاتصالات.

قد يتطلب الأمر دفعات تحت الحساب، او يشترط على "المتوفق" (أي من عثرعلى نصفه الآخر) سداد مبلغ معين عند انتهاء استخدامه للموقع. وقد تصل قيمة الاشتراك إلى 60 دولاراً لستة أشهر، وفي حال رغب المشترك بالبحث عن طريق المواقع، فإن إدارة الموقع تطلب ثلاثة أضعاف هذا المبلغ.

ابن الحلال ولو بـ"الحمام الزاجل"

العنوسة، المفهوم المغالط لـ"ثقافة الزواج"، انعدام النضوج والوعي الاجتماعي، الكبت، الملل، تباعد أفراد المجتمع... كلها عوامل تجمع بين آلاف المسمّرين أمام شاشة صغيرة يعلقون آمالاهم ويبحثون عن خلاصهم عبر تقليب صفحات الشبكات الكترونية فيتخذونها وسيلة بديلة عن التعارف الحقيقي. ويعكس هذا السلوك، حالة تخاصم وتمرد على الواقع الفعلي الذي يعيشه الشبان خاصة في ظل وجود مجتمعات متزمتة تضع عوائق أمام الاختلاط واللقاءات الاجتماعية بين الجنسين.

ويعزز رواج تلك المواقع انتشار الشروخ الاجتماعية، فهي تلعب على وتر العواطف، خاصة في ظل تنامي ظاهرة العنوسة وعزوف الشباب العربي عن الزواج، وما يزيد الامر سوءاً هو النظرة الاجتماعية للعانس التي تدفعها إلى التفتيش عن "ابن الحلال" بأي وسيلة، ولو كانت بـ"الحمام الزاجل" وتزيد حظوظ الرجل بالفوز بعروس المستقبل المنتظرة.

زواج الانترنت، نتيجة التكنولوجيا

يقول الدكتور حسن الأبيض، متخصص في علم الاجتماع، أن شبكة الانترنت أتاحت أمام مستخدميها العديد من المواقع والمنتديات للتعرف إلى آخرين، من بلدانهم أومن دول أخرى، والتحدث في موضوعات مختلفة، مؤكداً أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، أي عصر القنوات المفتوحة.

ويرى أن أعداد مستخدمي الانترنت ازدادت في العالم في الفترة الأخيرة، اذ بات قسم كبير من الناس يمتلك جهاز كمبيوتر فاحتل الانترنت بذلك قسماً كبيراً من حياتهم اليومية.

ويتابع: "الزواج عن طريق الانترنت يختلف عن الزواج العادي، أي انه في بداية التعارف يكون الشاب افتراضياً أو الفتاة افتراضية، ولا يعرفان شيئا عن بعضهما مطلقاً، وتبدأ عملية التواصل عبر الانترنت ويتبادلان المعلومات وقد يتطور التعارف إلى تبادل اللقاءات."

ويضيف: "الزواج عن طريق الانترنت مكلف اقتصادياً أكثر من الزواج العادي لأنه في بعض الأحيان يضطر الشخص إلى السفر وقطع المسافات لرؤية الشخص الذي تعرف إليه عن طريق النت، بالإضافة إلى أن الشخص قد يضيع أكثر من 12 ساعة من وقته يومياً للتعرف على شخص ما. وعدا عن ذلك قد يصدم بالواقع، ويرغم على قبول العلاقة التي استمرت عبر الكمبيوتر لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر."

ويجد الأبيض ان الانترنت فتح المجال للشباب الذين يتسموا بعدم الجرأة والانطواء على أنفسهم لكي يتعرفوا على الجنس الآخر من خلال الشبكة، قائلا: "الانترنت سرّع عملية التعارف بين الجنسين، والدخول في خصوصيات الطرف الآخر."

ويرى ان الخطورة من زواج الانترنت تكمن بالتعلق بالانترنت، ويقول: "بعد زواج الانترنت ماذا يضمن للزوجة ان يترك زوجها تعلقه بالانترنت فعلياً، اذا ما تمت عملية الزواج، فهل انتهت عملية الجلوس خلف الحاسوب لساعات طويلة للبحث عن حبيب؟، وأحياناً لا يكون الزواج عن طريق الانترنت بحد ذاته هو الهدف الرئيسي، بل تكون هناك أهداف وغايات أخرى غير معلنة."

"طفل الكتروني"؟

لا شك في أن لأصحاب هذه المواقع أهدافاً مادية بالدرجة الأولى، فما هي نسبة من يدخلون حقاً لمثل هذه المواقع بنية الزواج؟ فكثير منهم يتم استغلالهم بهدف التعارف واللهو، ولا مانع لدى البعض من التلاعب بمشاعر الآخرين برباط مقدس اسمه الزواج.

وحين تدخل المرأة الى مثل هذه المواقع تجعل من نفسها وكرامتها عرضة للخداع والأكاذيب وأهواء العابثين.

كثير من الأعذار، سيل من الأكاذيب، وتهرّب! فالحب لا يأتي بالبحث ولا بالمواعيد. والترصد لشيء يفقده جماله ورونقه، والزواج قدر مكتوب وليس صيداً، فلماذا العناء؟

لكن ما هي نهاية هذه "التجارة الالكترونية"؟ هل تستحدث قريباً هذه المواقع وسائل مساعدة للراغبين في انجاب الأطفال فنشهد ولادة "طفل الكتروني" ويكون الجيل القادم من "اولاد الانترنت".

جنى الحسن
 

موقع تيار مستقبل

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا