مهيئات النبوة, نبذة عن نسب النبي وحياته, بدء الوحي, من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم-

: نبذة عن نسبه ، وحياته:

هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم ، بن عبدمناف ، بن قصي ، بن حكيم ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان ، وعدنان من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم - عليه السلام - .

وأم النبي - صلى الله عليه وسلم - هي آمنة بنت وهب بن عبدمناف بن زهرة ، وزهرة أخو جد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد تزوج بها عبدالله والد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقام معها في بيت أهلها ثلاثة أيام ، فلم تلبث أن حملت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تجد في حمله ثقلاً ، ولا وحماً كما هو شأن المحصنات الصحيحات الأجسام.

وقد رأت أمه رؤيا لما حملت به ، وقد مر ذكر الرؤيا في كلام سابق.

وقد ولدته أمه سوي الخلق ، جميل الصورة ، صحيح الجسم ، وكانت ولادته عام الفيل الموافق للحادي والسبعين بعد الخمسمائة للميلاد.

وقد توفي والده وهو حمل في بطن أمه ، فكفله جده عبدالمطلب ، وأرضعته أمه ثلاثة أيام ثم عهد جده بإرضاعه إلى امرأة يقال لها حليمة السعدية.

وكان من عادة العرب أن يسترضعوا لأولادهم في البوادي ؛ حيث تتوافر أسباب النشأة البدنية السليمة.

ولقد رأت حليمة السعدية من أمر هذا الرضيع عجباً ، ومن ذلك أنها أتت مع زوجها إلى مكة على أتان هزيلة بطيئة السير ، وفي طريق العودة من مكة ، وهي تضع الرضيع في حجرها كانت الأتان تعدو عَدْوَاً سريعا ، وتُخَلف وراءها كل الدواب ؛ مما جعل رفاق الطريق كلهم يتعجبون.

وتحدث حليمة بأن ثديها لم يكن يدر شيئاً من الحليب ، وأن طفلها الرضيع كان دائم البكاء من شدة الجوع ، فلما ألقمت الثدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - در غزيراً ، فأصبحت ترضعه وترضع طفلها حتى يشبعا.

وتحدث حليمة عن جدب أرض قومها ديار بني سعد ، فلما حظيت بشرف رضاعة هذا الطفل أنتجت أرضها ، وماشيتها ، وتَبَدَّلت حالها من بؤس وفقر ، إلى هناء ويسر.

وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه وجده في مكة ، لكن حليمة ألحت على أمه أن توافق على بقائه عندها مرة ثانية ؛ لما رأت من بركته عليها ؛ فوافقت أمه آمنة ، فعادت حليمة بالطفل مرة أخرى إلى ديارها والفرحة تملأ قلبها.

وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه ، وعمره آنذاك أربع سنوات ، فحضنته أمه إلى أن توفيت ، وكان له من العمر ست سنين ، فكفله جده عبدالمطلب سنتين ثم توفي  ، فأوصى به إلى ابنه أبا طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - فحاطه بعنايته كما يحوط أهله وولده.

إلا أنه كان لفقره يعيش عيش الشظف ؛ فلم يتعود - صلى الله عليه وسلم - نعيم التنرف.

ولعل ذلك من عناية الله بهذا النبي الكريم.

وكان - صلى الله عليه وسلم - قد ألف رعي الغنم مع إخوانه من الرضاع لما كان في بادية بني سعد ، فصار يرعى الغنم لأهل مكة ؛ فيوفر على عمه أبي طالب بما يأخذه على ذلك من الأجر.

ثم سافر مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام ، وله من العمر اثنتا عشرة سنة ، وشهران ، وعشرة أيام ، وهناك رآه بحيرا الراهب ، وبشر به عمه أبا طالب ، وحذره من اليهود عليه بعد أن رأى خاتم النبوة بين كتفيه.

ثم إنه سافر مرة أخرى مُتَّجراَ بمالٍ لخديجة بنت خويلد ، فأعطته أفضل مما كانت تعطي غيره ؛ إذ جاءت تلك التجارة بأرباح مضاعفة ، بل جاءت بسعادة الدنيا والآخرة.

وكانت خديجة هذه أعقل وأكمل امرأة في قريش ، حتى كانت تدعى في الجاهلية : الطاهرة ؛ لما لها من الصيانة ، والعفة ، والفضائل الظاهرة.

ولما حدثها غلامها ميسرة بما رأى من النبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلته معه إلى الشام ، من الأخلاق العالية ، والفضائل السامية ، وما قاله بحيرا الراهب لعمه أبي طالب في رحلته الأولى إلى الشام - تعلقت رغبتها به ، وبأن تتخذه زوجا لها، وكانت قد تزوجت من قبل ، وتوفي عنها زوجها ؛ فتم ذلك الزواج الميمون ، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين سنة ، وعمرها قريباً من أربعين سنة.

ولم يتزوج عليها طيلة حياتها ، ولا أحب مثلها ، وتوفيت بعد البعثة النبوية بعشر سنين ، فكان كثيرًا ما يذكرها ، ويتصدق عنها ، ويهدي لصاحباتها ، وهي الزوجة التي رزق منها جميع أبنائه عدا إبراهيم فإنه من زوجته ماريا القبطية.

هذه بعض أخباره وسيرته قبل النبوة ، وبدء الوحي على سبيل الإجمال.